عاجل
الخميس 12 ديسمبر 2024 الموافق 11 جمادى الثانية 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

البنك المركزي والنفط.. معركة السيطرة التي تهدد بإغراق ليبيا في فوضى جديدة

البنك المركزي الليبي
البنك المركزي الليبي

شهدت ليبيا في الأشهر الأخيرة تصاعدًا كبيرًا في الخلافات السياسية والاقتصادية بين الزعماء، مما جعل الساحة الليبية عرضة لتدخلات أجنبية متزايدة. هذه الصراعات التي تمحورت حول مواقع استراتيجية حيوية مثل وزارة النفط والبنك المركزي، أثارت جدلًا واسعًا وأدت إلى تفاقم التوترات داخل البلاد، مما يهدد بمزيد من الفوضى والانقسامات.

الأزمة في وزارة النفط: مركز الصراع على الثروات الوطنية

بدأت الأزمة الحالية في يونيو الماضي، عندما أقال رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، وزير النفط والغاز محمد عون، وعيّن خليفة عبد الصادق مكانه. هذا القرار فجّر خلافات سياسية كبيرة، خاصة وأن وزارة النفط تُعد القلب النابض للاقتصاد الليبي، حيث تعتمد البلاد على عائدات النفط بشكل كبير.

ردّ عون باللجوء إلى القضاء ونجح في الحصول على حكم من محكمة استئناف طرابلس بوقف تنفيذ قرار الدبيبة، معتبرًا أن تعيين عبد الصادق ينتهك القانون والدستور الليبيين. هذا الحكم القضائي اعتبر انتصارًا لعون، لكنه كشف أيضًا مدى تعقيد المشهد السياسي الليبي. ورغم صدور الحكم، رفض الدبيبة الامتثال له، مما زاد من تعقيد الأزمة وأثار حفيظة العديد من المراقبين.

البنك المركزي: معركة السيطرة على الاقتصاد

لم تقتصر الأزمة على وزارة النفط فحسب، بل امتدت إلى مؤسسة مصرف ليبيا المركزي، التي تُعتبر حجر الزاوية في الاقتصاد الليبي. بعد سبع سنوات في المنصب، قرر المجلس الرئاسي إقالة المحافظ الصديق الكبير، وهو قرار أثار ردود فعل قوية من قِبل القوى السياسية في الشرق والجنوب، وخاصة من جانب خليفة حفتر.
 

وفي خطوة تصعيدية، رد حفتر بإغلاق بعض الحقول والموانئ النفطية، محاولًا الضغط على الحكومة لتغيير مسارها. كما أثار الخلاف بشأن تعيين محافظ جديد للبنك المركزي جدلاً واسعًا، حيث دعمت العديد من القوى الإقليمية والدولية تعيين ناجي عيسى محافظًا جديدًا للبنك، وسط انقسامات حادة بين الفصائل السياسية الليبية.

التدخل الأجنبي يتعمق: الولايات المتحدة وأوروبا في قلب الصراع

مع تصاعد الأزمة الداخلية، تزايدت تدخلات القوى الأجنبية، خاصة الولايات المتحدة وأوروبا، في محاولة للتوسط بين الأطراف المتصارعة. المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، لعب دورًا كبيرًا في محاولة حل الأزمة، وأعرب عن رفضه لقرار إقالة الصديق الكبير، مشددًا على ضرورة استعادة التدفق النفطي إلى الأسواق العالمية.

أكد نورلاند أن التدخل الأجنبي في ليبيا ليس مجرد تدخل سياسي، بل هو أيضًا اقتصادي، حيث تسعى الدول الغربية إلى حماية مصالحها النفطية في ليبيا. وصرح قائلاً: "يجب على جميع الأطراف الليبية العمل معًا لإعادة الاستقرار إلى البلاد، وضمان استمرار إنتاج النفط وتدفقه بالوتيرة المعتادة".

الصراع في مجلس الدولة: معركة السلطة والنفوذ

إلى جانب الصراع على النفط والبنك المركزي، شهد مجلس الدولة الليبي مواجهة بين رئيسه الحالي محمد تكالة وسلفه خالد المشري، حيث يدعي كل منهما أنه الفائز الشرعي في الانتخابات الأخيرة. هذا الصراع على السلطة داخل المجلس يعكس مدى تفاقم الخلافات بين الزعماء الليبيين، ويشير إلى صعوبة التوصل إلى حلول وسط في هذه المرحلة الحرجة.

مستقبل ليبيا: هل يمكن احتواء الأزمة؟

مع استمرار الصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية، يبدو أن ليبيا تقف على حافة مرحلة جديدة من الفوضى. القوى الإقليمية والدولية تحاول التوسط لإيجاد حلول، لكن انعدام التوافق بين الزعماء الليبيين يُصعّب من هذه الجهود. وتظل الأسئلة المطروحة: هل سيتمكن الليبيون من التغلب على خلافاتهم واستعادة الاستقرار؟ أم أن التدخلات الأجنبية ستعمّق الأزمة أكثر وتجعل ليبيا عرضة لانهيار أعمق؟

 

تابع موقع تحيا مصر علي