عاجل
السبت 14 ديسمبر 2024 الموافق 13 جمادى الثانية 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

فوز كاسح في انتخابات تونس..هل ينجح قيس سعيد في تجاوز التحديات الاقتصادية والسياسية؟

قيس سعيد يفوز بولاية
قيس سعيد يفوز بولاية رئاسية ثانية

حقق الرئيس التونسي قيس سعيد انتصارًا كبيرًا في الانتخابات الرئاسية، بعد أن حصد 90.69% من الأصوات وفقًا للنتائج الرسمية التي أعلنتها وكالة الأنباء التونسية. ومع هذا الفوز الساحق، يبدأ سعيد ولايته الثانية في ظل ظروف صعبة تعيشها تونس، حيث تعاني البلاد من أزمة اقتصادية متفاقمة، وتوترات سياسية عميقة تهدد استقرارها. فكيف وصل سعيد إلى هذا النجاح الكبير؟ وما الذي يحمله المستقبل لتونس تحت قيادته؟

قيس سعيد: من الأكاديمية إلى قمة السلطة

ولد قيس سعيد في 22 فبراير 1958 في تونس العاصمة، ونشأ في أسرة متوسطة حيث كان عمه هشام سعيد أول جراح أطفال في تونس. أنهى دراسته الثانوية في المدرسة الصادقية، وهي واحدة من أعرق المؤسسات التعليمية في البلاد. حصل على شهادة في القانون العام، ثم تابع دراساته العليا ليصبح خبيرًا في القانون الدستوري.

عمل سعيد لعدة سنوات أستاذًا للقانون في الجامعات التونسية، وكان يتمتع بشعبية واحترام كبيرين في الأوساط الأكاديمية. لكنه لم يكن معروفًا على نطاق واسع في الساحة السياسية حتى بعد الثورة التونسية عام 2011، حيث أصبح أحد أبرز المدافعين عن ضرورة تعزيز الدستور وتطبيق سيادة القانون.

صعوده إلى السلطة: الرجل الذي أتى من خارج الأحزاب

في عام 2019، ترشح قيس سعيد للانتخابات الرئاسية على أساس برنامج شعبي وبدون دعم من الأحزاب الكبرى، وهو ما أعطى ترشحه طابعًا فريدًا. استطاع أن يجذب انتباه الناخبين بفضل أسلوبه المباشر وخطابه الذي يركز على محاربة الفساد واستعادة هيبة الدولة. في انتخابات 2019، فاز سعيد بسهولة بأكثر من 70% من الأصوات، ليصبح رئيسًا للجمهورية التونسية في فترة تعتبر الأكثر حساسية منذ الثورة.

فوزه بولاية ثانية: تفوق ساحق وسط منافسة ضعيفة

في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، نافس سعيد مرشحًا واحدًا بارزًا هو العياشي الزمال، الذي حصل على 7.35% من الأصوات رغم وجوده في السجن خلال فترة الانتخابات. أما زهير المغزاوي، رئيس حركة الشعب، فقد جاء في المركز الثالث بنسبة 1.97%. ورغم أن المنافسة كانت ضعيفة، فإن فوز سعيد بنسبة تتجاوز 90% يعكس قوة شعبيته المستمرة في أوساط الناخبين.
 

تحديات كبيرة تنتظر سعيد: الاقتصاد والسياسة في الميزان

رغم هذا الانتصار الكبير، فإن سعيد يواجه تحديات هائلة خلال ولايته الثانية. الأزمة الاقتصادية التي تعصف بتونس قد تكون التحدي الأكبر، حيث تعاني البلاد من تضخم مرتفع وبطالة متزايدة وديون خارجية ضخمة. تعهد سعيد بإطلاق "مشروع وطني جديد" يعتمد على التنمية المحلية وتعزيز دور الشباب في صنع القرار، لكن السؤال يبقى: هل يستطيع سعيد تنفيذ هذه الوعود في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة؟

على الصعيد السياسي، يواصل سعيد تبني قرارات مثيرة للجدل، مثل حله للبرلمان في عام 2021 وإعلانه تدابير استثنائية لتعزيز سلطاته التنفيذية. هذه القرارات أثارت انتقادات واسعة من الأحزاب السياسية والنشطاء الحقوقيين، الذين يرون أن سعيد يركز السلطة في يديه على حساب الديمقراطية. من ناحية أخرى، يدافع سعيد عن هذه القرارات بأنها ضرورية "لتصحيح مسار الثورة" و"محاربة الفساد"، ويؤكد على التزامه بسيادة القانون.

سياسات سعيد المستقبلية: هل تكون السنوات القادمة بداية لإصلاحات حقيقية؟

يعتمد قيس سعيد في رؤيته المستقبلية لتونس على تحقيق "ديمقراطية قاعدية"، حيث يسعى إلى تعزيز الحكم المحلي وتقليل النفوذ المركزي للأحزاب. رغم أن هذه الأفكار تبدو جذابة على الورق، إلا أن تطبيقها على أرض الواقع قد يواجه صعوبات كبيرة، خاصة مع تزايد التوترات الاجتماعية والاحتجاجات التي تطالب بتحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية.

كما يركز سعيد على تعزيز التعاون مع دول الجوار والدول الأوروبية، لمحاولة جذب الاستثمارات الخارجية والمساعدات الاقتصادية لتخفيف الضغوط الداخلية. ومع ذلك، فإن تحقيق هذا التعاون يتطلب استقرارًا سياسيًا داخليًا، وهو ما قد يكون تحديًا إذا استمر التوتر بين سعيد ومعارضيه.

 تونس إلى أين؟

مع فوزه بولاية ثانية، يدخل قيس سعيد مرحلة جديدة في حكمه لتونس. النجاح في تحقيق وعوده الانتخابية يتطلب تجاوز التحديات الاقتصادية الكبيرة وتعزيز الاستقرار السياسي. ورغم أن سعيد يحظى بدعم شعبي كبير، فإن السنوات المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كان قادرًا على قيادة تونس نحو مستقبل أكثر استقرارًا وتنمية.

تابع موقع تحيا مصر علي