ترامب يبشّر بـ"أخبار قريبة" من غزة ونتنياهو يُتهم بإفشال التهدئة ومفاوضات الدوحة تدخل منعطفاً حرجاً
في وقتٍ تشهد فيه الساحة الدبلوماسية نشاطاً مكثفاً لإنهاء الحرب المستمرة في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الاثنين، أن الأمور تسير على ما يرام في غزة، ملمّحاً إلى قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
لكن على الأرض، لا تزال الفجوة بين مواقف حركة حماس والحكومة الإسرائيلية قائمة، فيما تتواصل المفاوضات في الدوحة برعاية قطرية ومصرية وأميركية في ظل اتهامات متبادلة وتعقيدات ميدانية وإنسانية متفاقمة.
ترامب يتفاءل وصفقة غزة تلوح في الأفق؟
قال الرئيس الأميركي، خلال لقائه الأمين العام لحلف "الناتو" مارك روته في المكتب البيضاوي: "قد يكون لدينا شيء نتحدث عنه قريباً جداً"، في إشارة إلى مفاوضات التهدئة بين حماس وإسرائيل، التي تستضيفها قطر منذ أكثر من أسبوعين.
كما علّق ترامب على الانسحاب الإسرائيلي من غزة عام 2005، واصفاً إياه بأنه واحدة من أسوأ صفقات العقارات في التاريخ، قائلاً: تخلّوا عن أراضٍ مطلة على المحيط وكان يُفترض أن يجلب ذلك السلام، لكنه جلب العكس تماماً.
جهود وساطة ثلاثية ومفاوضات مرهقة
خلال الأيام الماضية، شهدت العاصمة القطرية الدوحة ثماني جولات من المفاوضات غير المباشرة بين وفدي حماس وإسرائيل، بتيسير من رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وبمشاركة مسؤولي الاستخبارات المصرية ورعاية أميركية.
وكشفت قناة "القاهرة الإخبارية" أن رئيس جهاز المخابرات المصرية، اللواء حسن رشاد، عقد لقاءات مع الأطراف المعنية، في محاولة لتقريب وجهات النظر وتجاوز العقبات.
وأكدت مصادر دبلوماسية وجود توافق مصري قطري على ضرورة التوصل إلى تهدئة شاملة تشمل إدخال المساعدات والإفراج عن الأسرى.
خريطة إسرائيلية جديدة وعقبات حاسمة
قدمت إسرائيل، الاثنين، خريطة ثالثة لانتشار قواتها داخل قطاع غزة، في حال دخول اتفاق التهدئة حيّز التنفيذ لمدة 60 يوماً، حسب ما نقلته صحيفة جيروزاليم بوست.
وتتضمن الخريطة انسحاباً جزئياً من مناطق على الحدود مع مصر بين محوري فيلادلفيا وموراج، إلا أن حركة حماس رأت أن المقترحات لا تضمن انسحاباً كاملاً، ولا توضح آلية توزيع المساعدات الإنسانية، وهو ما يبقى من أبرز نقاط الخلاف.
حماس: نتنياهو يعرقل المفاوضات ويقود حرباً عبثية
من جانبها، اتهمت حركة حماس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإفشال مسار التهدئة عمداً.
وفي بيان رسمي، قالت الحركة: "نتنياهو يزج بجيشه في حرب عبثية بلا أفق، واستمرارها يُهدد حياة الأسرى ويُنذر بكارثة استراتيجية على كيانه".
جاء ذلك رداً على تصريحات نتنياهو، الأحد، التي اتهم فيها حماس برفض المقترح الأميركي المعدل الذي قدمه المبعوث ستيف ويتكوف، رغم أن إسرائيل وافقت عليه بحسب قوله.
الجانب الأوروبي: لا تغيير على الأرض
رغم الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل على تحسين الوضع الإنساني في غزة، أعرب وزير الخارجية بدر عبد العاطي عن خيبة أمله قائلاً: "شيء لم يتغير على الأرض".
من جهتها، قالت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إن بعض الشاحنات دخلت غزة، لكن لا تحسُّن ملموساً حتى الآن، مؤكدة أن الاتحاد يراقب التنفيذ الفعلي للاتفاق.
الحصيلة الإنسانية الكارثية
وبينما تستمر الاجتماعات والخرائط السياسية، تتفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع، حيث ارتفعت حصيلة القتلى إلى 58,386 شخصاً، وبلغ عدد الجرحى 139,077، وفق مصادر فلسطينية، في ظل استمرار القصف وصعوبة وصول طواقم الإسعاف إلى مئات العالقين تحت الأنقاض.
التفاؤل الأميركي يصطدم بواقع دموي
رغم تصريحات ترامب المتفائلة، تبدو صورة الواقع أكثر تعقيداً، مع تعثر المسار السياسي واستمرار العمليات العسكرية.
وبينما تُرسم الخرائط على طاولة التفاوض، تُرسم في الميدان مشاهد الخراب والدمار، ما يطرح تساؤلاً: هل اقتربت فعلاً نهاية الحرب، أم أن الوقت لا يزال مبكراً للحديث عن سلام؟
تطبيق نبض