على أعتاب قمة ألاسكا.. هل يعتقل ترامب بوتين أم تمنحه واشنطن الحصانة؟
مع اقتراب الزيارة المرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى ولاية ألاسكا الأمريكية الأسبوع المقبل، للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تصاعدت التساؤلات حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستُقدم على اعتقاله، استنادًا إلى مذكرة التوقيف الصادرة بحقه من المحكمة الجنائية الدولية منذ عام 2023، أم أن المعطيات السياسية والقانونية تشير إلى سيناريو مختلف.
مذكرة التوقيف الدولية.. اتهامات الحرب ورفض موسكو
أفادت شبكة "سي إن إن" أن زيارة بوتين المرتقبة ستكون الأولى له إلى الأراضي الأمريكية منذ إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة التوقيف ضده، بتهمة "المسؤولية المزعومة عن جريمة حرب"، تتمثل في الترحيل غير القانوني للأطفال من المناطق الأوكرانية المحتلة إلى روسيا
وقد رفضت موسكو هذه الاتهامات ووصفتها بأنها "شائنة وغير مقبولة"، فيما واصل بوتين زياراته لدول غير أعضاء في المحكمة، مثل الصين وكوريا الشمالية، لتجنب مخاطر الاعتقال.
قيود المذكرة على تحركات بوتين
منذ صدور المذكرة، أحجمت روسيا عن إرسال بوتين إلى دول أعضاء بالمحكمة، حيث رفض في 2023 دعوة لحضور قمة في جنوب أفريقيا.
ورغم ذلك، قام بوتين بزيارة منغوليا العام الماضي، وهي دولة موقعة على نظام روما الأساسي، لكن أولان باتور أعلنت تمسكها بالمادة (98) التي تمنح حصانة لرؤساء الدول إلا إذا سمحت دولهم بمحاكمتهم.
وقد رفضت المحكمة الجنائية هذا التفسير، مؤكدة أن الدول الأعضاء ملزمة باعتقال أي شخص صدر بحقه أمر توقيف، بصرف النظر عن منصبه أو جنسيته.
أمريكا والمحكمة الجنائية الدولية.. علاقة عدائية
الجدير بالذكر، أن الولايات المتحدة ليست عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية، إذ لم تُوقع على نظام روما الأساسي منذ إنشائها عام 2002.
كما أن واشنطن اتخذت موقفًا عدائيًا من المحكمة، حيث فرض الرئيس ترامب في فبراير الماضي عقوبات عليها بعد إصدارها مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت، متهمًا إياها بتنفيذ "أعمال غير مشروعة ولا أساس لها" ضد أمريكا وحلفائها.
وتشير هذه المواقف إلى أن احتمالية اعتقال بوتين داخل الأراضي الأمريكية شبه معدومة، رغم الجدل الدولي حول مذكرة التوقيف.
قمة ألاسكا.. أجندة اللقاء الثلاثي المحتمل
وفقًا لشبكة "إن بي سي" الأمريكية، كشف مسؤول في البيت الأبيض أن ترامب منفتح على عقد قمة ثلاثية في ألاسكا تجمعه بكل من بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وفي هذا السياق، يجري التخطيط لعقد اجتماع ثنائي بين ترامب وبوتين بناءً على طلب الأخير، مع ترجيحات بأن يتم تناول ملفات حساسة تتعلق بالنزاع الأوكراني والعلاقات الروسية-الأمريكية.
صفقة تبادل الأراضي.. اقتراح مثير للجدل
كان ترامب قد صرّح يوم الجمعة الماضي أنه سيلتقي بوتين في 15 أغسطس في ألاسكا، مقترحًا "تبادلًا للأراضي" بين روسيا وأوكرانيا بهدف تحسين وضع الطرفين.
ورغم أن تفاصيل الاقتراح لم تُكشف بالكامل، إلا أن هذه الفكرة تثير تساؤلات حول مدى قبول كييف وموسكو لها، خاصة في ظل تعقيدات الميدان العسكري وحساسية ملفات السيادة.
من الواضح أن زيارة بوتين إلى ألاسكا تحمل أبعادًا دبلوماسية وقانونية شديدة التعقيد، تجمع بين ملفات الحرب في أوكرانيا، والعلاقات الأمريكية-الروسية، والصراع مع المحكمة الجنائية الدولية.
وبينما يرى مراقبون أن الولايات المتحدة ستتجنب أي خطوة لاعتقال بوتين، يرى آخرون أن مجرد حضوره على الأراضي الأمريكية يشكل تحديًا مباشرًا لهيبة المحكمة الجنائية الدولية، وقد يفتح الباب أمام تحولات غير متوقعة في المشهد الجيوسياسي
تطبيق نبض