من الإدمان إلى الإلهام.. اللحظة التي غيرت حياة بوجي إلى الأبد
في واحد من أشد المقاطع تأثيراً على منصات التواصل الاجتماعي خلال الفترة الأخيرة، خطف الشاب المصري محمد مسعود رزق الشهير بـ"بوجي" اهتمام الملايين بمقولته الصادمة: "أنا محمد مسعود.. معنديش 32 سنة، أنا عندي سنتين، لسه مولود من سنتين".
هذه العبارة لم تكن مجرد استعارة بلاغية، بل كانت تلخيصاً لرحلة عذاب استمرت 15 عاماً في عالم الإدمان، انتهت ببيع كليته وخسارة شقيقه، لتبدأ بعدها ولادة جديدة لإنسان متعاف يصارع من أجل إعادة بناء حياته وتقديم رسالة أمل للآخرين.
البداية.. سقوط في هاوية الإدمان
كانت بداية القصة كما يرويها بوجي نفسه عندما وقع في براثن الإدمان وهو في سن السادسة عشرة، حيث تحولت حياته من شاب عادي يحلم بمستقبل مستقر إلى عبد للمخدرات، يبحث باستمرار عن الجرعة التالية بغض النظر عن الثمن، وقال في الفيديو: "كنت بضرب حاجات مش بتفوقني بالأربع والخمس أيام"، في إشارة إلى المعاناة الجسدية والنفسية التي كان يعيشها تحت تأثير المواد المخدرة.
التدهور.. بيع الكلية وخسارة الأخ
المرحلة الأكثر قتامة في رحلة بوجي كانت عندما قرر بيع إحدى كليتيه لتمويل إدمانه. وبحسب روايته، فإنه قام ببيع كليته لسيدة كانت تعاني من الفشل الكلوي لمدة 20 عاماً، مقابل مبلغ 100 ألف جنيه. العملية الجراحية التي أجراها في مستشفى وصفها بالمشبوهة، تركته يعاني من آلام مبرحة، حيث قال: "خرجت منها عندي كمية وجع غير طبيعي، وأخدوا مني كلية وضلع".
المأساة تتعمق عندما يفقد بوجي شقيقه بسبب جرعة مخدرات زائدة، وهي الضربة التي هزت كيان الأسرة بالكامل وأدت إلى انهيار والدته من شدة الحزن. هذه الخسارة المزدوجة -الكلى والشقيق- أصبحت نقطة تحول في حياة بوجي، حيث بدأ يفكر جدياً في الخروج من دوامة الإدمان.
نقطة التحول.. قرار التعافي
اللحظة الفاصلة في رحلة بوجي كما يرويها كانت عندما سألته أمه بشكل مباشر: "أنت بتشرب مخدرات؟" فرد عليها بصراحة: "أيوة"، فكانت نصيحتها له: "يا بني بطل". هذه الكلمات البسيطة من الأم المهتمة أحدثت تأثيراً عميقاً في نفسه، حيث انهار باكياً في حضنها وقرر على الفور التوقف عن التعاطي.
لكن رحلة التعافي لم تكن سهلة، فبعد أسبوعين فقط من القرار، عاد بوجي إلى الإدمان بشراهة أكبر. يوضح هذا التردد الطبيعة المعقدة للإدمان وكيفية تحكمه في إرادة الإنسان وسلوكه.
مرحلة جديدة.
بعد معاناة طويلة، تمكن بوجي من تحقيق التعافي الكامل، وها هو الآن يحتفل بسنتين من الحياة النظيفة. تحولت قصته من مجرد تجربة شخصية إلى ظاهرة اجتماعية أثارت تفاعلاً واسعاً على منصات التواصل، حيث تصدر اسمه مؤشرات البحث في مصر والعديد من الدول العربية.
الأهم من ذلك، أن بوجي أصبح مصدر إلهام للعديد من المدمنين الذين تواصلوا معه طالبين المساعدة والدعم لبدء رحلتهم في التعافي. وقال في فيديو حديث له: "مبسوط باللي حصل.. فيه ناس كتير كلّمتني وقالولي عايزين نبدأ طريق التعافي".
تساهم قصة بوجي في كسر الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالمتعافين من الإدمان، بدلاً من النظر إلى المدمنين كمجرمين أو منحرفين، بدأ المجتمع ينظر إليهم كضحايا يحتاجون إلى الدعم والعلاج وإعادة الدمج، كما تظهر الإصرار على النجاح رغم كل الصعوبات، مطالباً بدعم حكومي ومجتمعي أكبر لمراكز إعادة تأهيل المدمنين.
ولعبت منصات التواصل الاجتماعي دوراً محورياً في نشر قصة بوجي وتحويلها إلى ظاهرة توعوية، حيث انتشرت مقاطع الفيديو الخاصة به على تيك توك وفيسبوك ويوتيوب، وأصبحت مادة للنقاش بين آلاف المستخدمين، ما سلط الضوء على الدور الإيجابي الذي يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تلعبه في التوعية بقضايا الصحة العامة، خاصة بين الشباب الذين يمثلون الشريحة الأكبر من مستخدمي هذه المنصات.
تطبيق نبض