اختبار صعب أمام وحدة القرار.. بيان قمة الدوحة يعيد القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد
يجتمع اليوم قادة العالم العربي والإسلامي، بالعاصمة القطرية الدوحة في قمة استثنائية طارئة، لصياغة رد جماعي موحد على العدوان الإسرائيلي الذي استهدف الأراضي القطرية قبل أيام. الهجوم، الذي وصفته الدوحة بـ"الغادر" و"إرهاب الدولة"، أسفر عن استشهاد عنصر أمن قطري وعدد من قادة حركة "حماس"، ما أثار غضباً عربياً وإسلامياً وعالمياً واسعاً ووضع السيادة الوطنية للدول على المحك.
جاءت القمة، التي حظيت بحضور قيادي بارز، لاختبار مدى قدرة الدول المجتمعة على تجاوز خطاب الإدانة التقليدي نحو اتخاذ إجراءات ملموسة وضاغطة لردع إسرائيل وكبح عدوانها المتصاعد، ليس فقط على قطر، ولكن على القضية الفلسطينية ومحاولات السلام في المنطقة ككل.
تضامن واسع ورسائل قوية
شهدت القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة مشاركة قادة من 57 دولة، في إظهار واضح للتضامن مع قطر إثر الهجوم الإسرائيلي. وقد هيمنت على الخطابات الرسمية لهذه القمة، سواء في الجلسات المغلقة أو في التصريحات العلنية، نبرة من الإدانة القوية والغضب العارم للاعتداء الذي مثل انتهاكاً صارخاً للسيادة والمواثيق الدولية
. وأكد القادة مجتمعين على رفضهم المطلق لـ "إرهاب الدولة" الذي تمارسه إسرائيل، معتبرين أن هذا الهجوم لم يستهدف قطر وحدها، بل هو اعتداء على كافة الدول العربية والإسلامية وتهديد مباشر للأمن والسلم الإقليميين.
وشددوا على أن هذا التصعيد الخطير من جانب تل أبيب يمثل رسالة مفتوحة مفادها أن إسرائيل لا تعترف بخطوط حمراء وأنها مستعدة لزعزعة استقرار أي دولة تعترض أجندتها ، مما يستدعي وقفة جادة وموحدة.
بيان ختامي يركز على القضية الفلسطينية
على الرغم من حدة الخطاب والتضامن الواضح، أظهر البيان الختامي للقمة، الذي تمت مناقشة مسودته مسبقاً على مستوى وزراء الخارجية، أن السقف العملي للرد الجماعي قد بقي محكوماً بحدود "المعقول" والسياسي، متجنباً الدخول في منطقة فرض إجراءات عقابية ملموسة.
وركز البيان بشكل كبير على إعادة تسليط الضوء على القضية الفلسطينية، مشدداً على ضرورة وقف الحرب على غزة فوراً، ورفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين أو ضم الأراضي، ومطالبة المجتمع الدولي بالالتزام الجاد بحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، والتأكيد على "التضامن المطلق" مع قطر ووصف الهجوم بأنه "عدوان سافر"، دون الإعلان عن أي خطوات عملية كسحب السفراء أو قطع العلاقات الدبلوماسية أو فرض عقوبات اقتصادية.
الموقف القطري.. بين المطالبة بالردع واستمرار الوساطة
أكد رئيس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن بلاده "لن تتهاون مع أي اختراق لسيادتها" وستواجه أي تهديد وفقاً للقانون الدولي، داعياً إلى "اتخاذ إجراءات حقيقية وملموسة" لوقف تمادي إسرائيل، ومن ناحية أخرى، أعلن بشكل واضح أن الممارسات الإسرائيلية لن تثني الدوحة عن مواصلة دورها الوسيط مع مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة والتوصل لصفقة تبادل الأسرى، ما يظهر رغبة قطر في تحقيق توازن دقيق بين المطالبة بدعم عربي إسلامي قوي لردع العدوان المستقبلي، مع الحفاظ على دورها الإقليمي والدولي كوسيط لا غنى عنه وحليف استراتيجي للغرب، خاصة الولايات المتحدة، التي سارعت لتأكيد متانة الشراكة الأمنية مع الدوحة.
تفاعلات دولية واختبار للتحالفات
جاءت القمة في وقت تتزايد فيه الدعوات الدولية لإدانة الهجوم الإسرائيلي، حيث عقد مجلس الأمن جلسة أدان فيها الهجوم دون ذكر إسرائيل بالاسم، كما دعت مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة إلى عقد جلسة طارئة لمناقشة الاعتداء. من ناحية أخرى، سعت الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، إلى احتواء الأزمة.
وبينما أعرب الرئيس ترامب عن استيائه ووصف قطر بـ"الحليف الرائع"، أكد وزير خارجيته، ماركو روبيو، خلال زيارة لتل أبيب، أن الهجوم لن يزعزع العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، معرباً في الوقت نفسه عن الرغبة في تعزيز دور الوساطة القطرية في غزة، وهذه التصريحات تعكس الإحراج الأمريكي من عمل حليفها، ومحاولتها المشي على حبل مشدود بين دعم إسرائيل والحفاظ على مصالحها الاستراتيجية مع حلفاء الخليج، وفي مقدمتهم قطر التي تستضيف أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة.
تطبيق نبض