عاجل
الجمعة 05 ديسمبر 2025 الموافق 14 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
عمرو الديب

بعد العقوبات الأمريكية.. الدور التخريبي لـ"إخوان السودان" في تغذية الصراع وتدمير الدول

تحيا مصر

في خطوة تعكس تحولاً استراتيجياً للأزمة السودانية، فرضت الولايات المتحدة عقوبات مستهدفة على زعيم حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم ولواء البراء بن مالك، بتهمة تغذية الحرب الأهلية ونسج تحالفات خطيرة مع إيران، وهي العقوبات التي لا تمثل مجرد إجراء عقابي تقليدي، بل تحمل في طياتها رسالة سياسية وأمنية أوسع، وتكشف عن إدراك أمريكي متزايد لتداخل المصالح المحلية للنخب الإسلامية السودانية مع الأجندة الإقليمية الإيرانية، في مشهد يعيد تشكيل توازنات القوى في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر.

حسب تقرير لـ اندبندنت عربية، فإن وزارة الخزانة الأمريكية أكدت في بيانها الصادر في 12 سبتمبر 2025 أن هذه العقوبات تأتي استناداً إلى الأمر التنفيذي رقم 14098، الذي يستهدف الأفراد والكيانات التي تهدد استقرار السودان. 

واتهم البيان الرسمي كلاً من جبريل إبراهيم ولواء البراء بن مالك بالتورط في "تغذية الحرب السودانية ونسج روابط مع إيران"، في إشارة ضمنية إلى ما تعتبره واشنطن تداخلاً خطراً بين مصالح فصائل إسلامية محلية وأجندات إيرانية إقليمية.

جذور العلاقات التاريخية والإيرانية

تكشف الوثائق الأمريكية عن وجود صلات تاريخية بين حركة العدل والمساواة والتيارات الإسلامية السودانية، حيث كانت الحركة توصف بأنها الجناح العسكري للحركة الإسلامية منذ أيام حسن الترابي.

و حسب التقرير فإن الحركة أسست بواسطة خليل شقيق جبريل إبراهيم الذي كان من الرعيل الأول للحركة الإسلامية،  أما التجلي العملي لعلاقة زعيم الحركة بإيران فقد تجسد في الاجتماع الذي عقد في طهران في نوفمبر 2024، بناءً على دعوة من وزير الاقتصاد والمال الإيراني، حيث تم الاتفاق على تعزيز التعاون في المجالات التجارية والاقتصادية والسياسية والإعلامية.

الدعم العسكري والتمدد الميداني

وفقاً لوزارة الخزانة الأمريكية، فإن التواصل بين جبريل إبراهيم وإيران لم يكن رمزياً فحسب، بل شمل دعماً فنياً من طهران للحركة، حيث أسهمت الحركة بآلاف المقاتلين في مواجهة قوات الدعم السريع ضمن تحالف "القوات المشتركة"، ومن جهة أخرى، تحول لواء البراء بن مالك من قوة شبه عسكرية تنتمي جذرياً إلى ميليشيات "الدفاع الشعبي" في عهد البشير إلى لاعب عسكري ضالع في الحرب الحالية، باستخدام تدريب وتسلح مزودين من الحرس الثوري الإيراني، حيث تجاوز عدد مقاتليها عشرات الآلاف.

ردود الفعل والخطاب الدفاعي

جاء رد حركة العدل والمساواة والسلطات السودانية على هذه العقوبات دفاعياً مشحوناً بخطاب السيادة الوطنية، فحسب بيان الحركة على فيسبوك، فإن العقوبات "أحادية وتعسفية" وتفتقر إلى أي أساس قانوني أو واقعي، مؤكدة أن زيارة جبريل إبراهيم إلى طهران تمت ضمن واجباته الدستورية والقانونية كوزير للمالية، كما نفت الحركة بشدة أن تكون امتداداً لأي مشروع عقائدي أو ذراعاً خارجية، معتبرة أن هذه العقوبات تمثل "دعماً صريحاً لمليشيا الدعم السريع" التي تتهم بارتكاب جرائم حرب.

تداعيات إقليمية واستراتيجية

تأتي هذه العقوبات في توقيت بالغ الحساسية، بعد موقف موحد أعلنه وزراء خارجية الآلية الرباعية، عبر عن رفض صريح لأي دور للجماعات المتطرفة المرتبطة تنظيمياً أو فكرياً بـ"الإخوان المسلمين" في رسم ملامح مستقبل السودان.

و حسب تحليل "اندبندنت"، فإن هذا التزامن يعكس إدراكاً جماعياً بأن هناك مسارات للتطرف يعاد تشكيلها، تستفيد من النفوذ الإيراني المتزايد في بؤر النزاع الأفريقية.، وبذلك يبرز السودان ليس مجرد ساحة نزاع داخلي، بل مختبراً لإعادة صياغة النفوذ الإيراني في أفريقيا والشرق الأوسط.

المشهد الإنساني والأبعاد الإستراتيجية

لا تهدف العقوبات الأمريكية إلى معاقبة فاعلين محددين فحسب، بل تسعى أيضاً إلى الحد من قدرة هذه الكيانات على الاستفادة من الانقسام السوداني لتعزيز نفوذ خارجي يفاقم معاناة المدنيين.

وحصدت الحرب المستعرة منذ أبريل 2023 أرواح ما يقدر بنحو 150 ألف شخص، وأدت إلى تشريد أكثر من 14 مليوناً، في أسوأ أزمة إنسانية يشهدها العالم اليوم. عبر هذا المسار، ترسم واشنطن خطوطاً حمراء حول السودان بوصفه ساحة اختبار لمعادلة دقيقة تهدف إلى إيقاف تمدد جماعات إسلامية عابرة للحدود وكبح الدور الإيراني الممتد في الصراع.

 

تابع موقع تحيا مصر علي