عاجل
الجمعة 05 ديسمبر 2025 الموافق 14 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
عمرو الديب

قصير العمر..  تمثال ذهبي لترامب يحمل بيتكوين أمام الكابيتول وأوامر فورية بإزالته

تحيا مصر

فوجئ المارة في محيط مبنى الكابيتول بواشنطن بتمثال ضخم مطلي بالذهب للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يبلغ ارتفاعه نحو 3.5 متر، ويحمل في يده عملة بيتكوين، بينما  المفاجأة لم تكن في حجم التمثال فحسب، بل في ظهوره دون إعلان رسمي من أي جهة حكومية، بعدما كشفت التحقيقات أن المبادرة جاءت من مجموعة مرتبطة بمنصة العملات الرقمية الساخرة Pump.fun.

إزالة سريعة وتعليق رسمي

لم يدم المشهد طويلًا، إذ أزالت خدمة المتنزهات الوطنية التمثال بعد ساعات قليلة، ووصفت ما جرى بأنه “تعبير رمزي مؤقت”. توقيت العرض كان لافتًا؛ إذ سبق إعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة بساعات قليلة، ما دفع قنوات مثل ABC7 News إلى ربطه بالتحولات الاقتصادية، باعتبار أن البيتكوين بات حاضرًا في النقاش المالي إلى جانب أدوات السياسة النقدية التقليدية.

من التمثال إلى عملة مشفرة

أصحاب المبادرة لم يكتفوا بالتمثال، بل أطلقوا عملة رقمية حملت اسم DJTGST، اختصارًا لـ"Donald J. Trump Golden Statue Token". العملة دخلت التداول عبر منصات الكريبتو فور الكشف عن التمثال، لكنها فقدت قيمتها سريعًا، وانتشرت صور على منصات التواصل تُظهر انهيار سعرها منذ الساعات الأولى. كما أنشأ القائمون حسابًا على منصة إكس لتوثيق أخبار التمثال ومطالبة السلطات بالسماح بعرضه في مواقع أخرى مثل تايمز سكوير أو وول ستريت.

علاقة متحوّلة بين ترامب والبيتكوين

الحدث جاء امتدادًا لعلاقة ترامب المتنامية مع العملات الرقمية، فمنذ عودته إلى البيت الأبيض مطلع 2025، غيّر موقفه السابق الذي عبّر عنه عام 2019 حين وصف البيتكوين بـ"الاحتيال". خلال ولايته الجديدة أعلن عن تأسيس "الاحتياطي الاستراتيجي للبيتكوين"، وهو مخزون رقمي حكومي غير مسبوق عالميًا. كما استضاف أول قمة رسمية في البيت الأبيض لمناقشة مستقبل الكريبتو، مؤكدًا رغبته في جعل الولايات المتحدة "عاصمة الكريبتو في العالم".

دور عائلة ترامب في مشروعات الكريبتو

الخطوات الرسمية تزامنت مع دخول عائلة ترامب على خط العملات الرقمية، فشركتا World Liberty Financial وAmerican Bitcoin، المرتبطتان بعائلة الرئيس، أطلقتا عملات ورموزًا مشفرة أثارت جدلًا واسعًا بشأن الشفافية والعوائد. تقارير صحفية كشفت أن بعض هذه المشاريع جمعت مئات الملايين من الدولارات، وأن نسبة كبيرة من الرموز بقيت لدى الشركة نفسها، ما أثار مخاوف من تضارب المصالح بين السياسات الحكومية والمصالح التجارية للعائلة.

فن وسياسة واقتصاد في مشهد واحد

رغم قصر عمر التمثال، فإنه قدّم صورة مركّزة عن تداخل السياسة بالاقتصاد والفن. بالنسبة لمؤيدي ترامب كان رمزًا للاعتراف بدور البيتكوين كأداة مالية مشروعة، بينما رأى خصومه مسرحية سياسية تبالغ في تضخيم صورة الرئيس دون معالجة الإشكالات التنظيمية المرتبطة بالكريبتو. وبين هذا وذاك، ظل المشهد مؤشرًا على أن العملات الرقمية لم تعد موضوعًا ماليًا بحتًا، بل جزءًا من النقاش السياسي والاقتصادي في الولايات المتحدة.
 

رحلة البيتكوين من 2009 إلى 2025

في عام 2008 نشر شخص أو مجموعة مجهولة تحت اسم "ساتوشي ناكاموتو" ورقة بحثية بعنوان "بيتكوين: نظام نقدي إلكتروني يعتمد على الند للند"، لتطرح لأول مرة فكرة عملة رقمية لا مركزية خارج سيطرة البنوك والحكومات. وفي يناير 2009 جرى تعدين أول كتلة في شبكة البيتكوين، المعروفة باسم "كتلة التأسيس"، وبعد ذلك بعام واحد، اشتهرت أول معاملة عملية للبيتكوين عندما اشترى المبرمج لازلو هانيتش قطعتين من البيتزا مقابل 10 آلاف بيتكوين، في ما عُرف لاحقًا بـ"يوم البيتزا".

من الهامش إلى صعود الأسعار

على مدار السنوات التالية، انتقل البيتكوين من مجتمع صغير من المبرمجين والمهتمين بالتشفير إلى ساحة أوسع جذبت مستثمرين ومضاربين. عام 2013 تخطى سعر البيتكوين حاجز الألف دولار لأول مرة، ما أثار اهتمام الإعلام العالمي. لكن هذا الصعود ترافق مع تقلبات حادة وفضائح، أبرزها انهيار منصة Mt. Gox اليابانية عام 2014 التي كانت تستحوذ على معظم تداولات البيتكوين حينها.

البيتكوين يدخل وول ستريت

مع مرور الوقت، بدأت مؤسسات مالية كبرى تدخل مجال العملات المشفرة. عام 2017 سجل البيتكوين ارتفاعًا قياسيًا تجاوز 19 ألف دولار، بالتزامن مع طرح أول عقود آجلة في بورصة شيكاغو. ورغم الانهيار اللاحق في 2018، رسّخت هذه المرحلة مكانة البيتكوين كأصل استثماري يحظى بمتابعة عالمية. وفي 2020–2021 عاد السعر للارتفاع متجاوزًا 60 ألف دولار، مدفوعًا بدخول شركات مثل تسلا وصناديق استثمار كبرى إلى السوق.

بين التشريع والجدل السياسي

خلال العقد الماضي، انقسمت الحكومات في التعامل مع البيتكوين. السلفادور اعتمدته كعملة رسمية عام 2021، بينما فرضت الصين حظرًا شاملًا على التعدين والتداول. في الولايات المتحدة ظل الموقف متأرجحًا بين التشديد الرقابي واعتباره أصلًا استثماريًا مشروعًا. مؤسسات مثل لجنة الأوراق المالية والبورصات خاضت معارك قضائية حول طبيعة العملات المشفرة، بينما انقسم السياسيون بين داعمين ومنتقدين لها.

من "احتيال" إلى "احتياطي استراتيجي"

المفارقة أن دونالد ترامب نفسه كان من أبرز المنتقدين للبيتكوين عام 2019 حين وصفها بأنها "احتيال يهدد الدولار". لكن مع عودته إلى البيت الأبيض مطلع 2025، تبنى خطابًا مغايرًا جذريًا، فأعلن عن إنشاء "الاحتياطي الاستراتيجي للبيتكوين" باعتباره أصلًا سياديًا، وهي خطوة غير مسبوقة عالميًا. بذلك تحولت البيتكوين من فكرة متمردة خرجت من هامش الإنترنت إلى أداة تدخل قلب السياسات الاقتصادية الأمريكية.
 

تابع موقع تحيا مصر علي