أستاذ علوم سياسية: الاعتراف الغربي بفلسطين خطوة مفصلية تتطلب تحركاً واعياً وتحول تاريخي يجب استثمارة
أكد الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، أن الاعتراف الأوروبي المتزايد بدولة فلسطين يُمثل تطورًا محوريًا ينبغي استثماره سياسيًا ودبلوماسيًا لصالح القضية الفلسطينية
تحول في الموقف الغربي
وأوضح أن دخول دول كبرى مثل فرنسا وبريطانيا على خط الاعتراف يعكس تحولًا لافتًا في الموقف الغربي، بعد عقود من التردد والانحياز لإسرائيل.

وأضاف فهمي في تصريحاته أن الأوروبيين لا يقدّمون موقفًا مثاليًا، مذكرًا بمسؤولية بريطانيا التاريخية عن مأساة الشعب الفلسطيني منذ وعد بلفور وحتى دعم قيام دولة الاحتلال
كما شدد على أن الاعتراف وحده لا يكفي إذا لم يُقترن بخطوات عملية واضحة، داعيًا الدول العربية للتحرك الجماعي داخل الأمم المتحدة تحت صيغة "متحدون من أجل السلام" لإصدار قرار ملزم، بالتوازي مع الضغط لوقف إطلاق النار في غزة ومواجهة العدوان الإسرائيلي.
وتزامنًا مع اشتداد الحرب الإسرائيلية على غزة واتساع الغضب الدولي، أعلنت عدة دول أوروبية وغربية، من بينها فرنسا ومالطا، اعترافها بدولة فلسطين، في خطوة اعتبرها مراقبون "تاريخية" يمكن أن تعيد تشكيل المشهد السياسي للقضية الفلسطينية.
وفي ذات السياق، يؤكد الخبراء أن هذا التحول، وإن كان يحمل طابعًا رمزيًا، إلا أنه يحمل في طياته إمكانيات كبيرة إذا ما استُثمر بشكل عملي على المستوى الدولي والعربي.
تفاصيل الاعترافات الأوروبية
أعلنت مالطا رسميًا خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة اعترافها بدولة فلسطين، لتنضم إلى دول مثل بريطانيا، أستراليا، كندا، والبرتغال.
ومن جانبها، أكدت الرئاسة الفرنسية أن اعتراف فرنسا جزء من خطة سلام شاملة، تراعي أمن إسرائيل والفلسطينيين على حد سواء، وتضع حدًا لمحاولات ضم الضفة الغربية.
ومن المنتظر أن تلتحق دول أخرى بالركب مثل بلجيكا، لوكسمبورغ، أندورا، نيوزيلندا، وأرمينيا، في إشارة إلى تزايد الزخم الدولي خلف هذا المسار.
تبعات اعتراف فرنسا ومالطا بدولة فلسطين
على المستوى القانوني والدبلوماسي تعزيز الوضع القانوني لفلسطين على الساحة الدولية، وفتح الباب أمام عضوية أوسع في المنظمات الدولية
أما على المستوى الداخلي في أوروبا يثير نقاشات سياسية بين التيارات المؤيدة والمعارضة، خاصة في ظل ضغوط اللوبيات المؤيدة لإسرائيل.
ومن ناحية أخرى، هاجمت إسرائيل هذه الخطوات ووصفتها بـ"مكافأة للإرهاب"، مع احتمال اتخاذ إجراءات مضادة مثل التوسع الاستيطاني.
توازن الصراع يضع إسرائيل تحت ضغط متزايد ويمنح القيادة الفلسطينية أوراق قوة جديدة في المفاوضات.
الواقع الفلسطيني يبقى التحدي الأساسي: هل سيتحول الاعتراف إلى تغييرات ملموسة على الأرض، أم سيظل في حدود الرمزية؟
ما المطلوب بعد الاعتراف؟
تفعيل قرار دولي ملزم بوقف العدوان على غزة.
إطلاق تحرك عربي موحد في الأمم المتحدة، بعيدًا عن التباينات الداخلية.
تعزيز العلاقات الفلسطينية الدولية وطلب العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
مواصلة الضغط الشعبي والإعلامي لضمان أن لا يتوقف الاعتراف عند الجانب الرمزي.
يمثل اعتراف فرنسا ومالطا بدولة فلسطين فصلًا جديدًا في مسيرة القضية الفلسطينية، لكنه أيضًا اختبار حقيقي: هل يمكن تحويل هذا الزخم السياسي إلى إنجازات ملموسة تُقرب الفلسطينيين من حلم الدولة المستقلة؟ أم سيبقى مجرد "انتصار رمزي" في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي؟ الجواب يتوقف على مدى قدرة الفلسطينيين والدول العربية على استثمار هذه اللحظة التاريخية، وتحويلها إلى خطوات عملية تفرض نفسها على الواقع الدولي.
تطبيق نبض
