وفاة غامضة لسفير جنوب إفريقيا في باريس.. سقوط من الطابق 22 يثير تساؤلات سياسية ودبلوماسية
أعلنت النيابة العامة في باريس، العثور على جثمان سفير جنوب إفريقيا لدى فرنسا نكوسيناثي إيمانويل "ناثي" مثيثوا (58 عامًا)، أسفل فندق حياة ريجنسي في الدائرة الـ17 بباريس، بعد سقوطه من الطابق الـ22.
نبذة عن السفير الراحل
ووفق ما نشرته صحيفتا "لو فيغارو" و"لوباريزيان"، فإن مثيثوا حجز غرفة في الطابق الـ22، حيث تم فتح النافذة الآمنة بالقوة. وقد عُثر على جثمانه في ساحة الفندق الداخلية بعد ساعات من إبلاغ زوجته عن اختفائه، عقب تلقيها رسالة وُصفت بـ"المقلقة".

ومن جانبة أكد مكتب المدعي العام الفرنسي أن فريق المحققين حضر إلى موقع الحادث على الفور، فيما أشار تقرير أولي إلى عدم وجود آثار عنف أو تعاطي مخدرات، وهو ما رجّح فرضية الانتحار، دون استبعاد أي احتمالات أخرى في هذه المرحلة.
تم تعيين مثيثوا سفيرًا في باريس في ديسمبر 2023، بعد مسيرة سياسية بارزة شغل خلالها مناصب وزارية هامة في جنوب إفريقيا، من بينها وزير الشرطة ووزير الرياضة والفنون والثقافة. وكانت آخر مشاركاته العلنية يوم 27 سبتمبر الجاري في احتفال رسمي بذكرى معركة من معارك الحرب العالمية الأولى.
ردود الفعل الرسمية
الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا عبّر عن "حزن عميق" لفقدان أحد أبرز دبلوماسيي بلاده، وقدم تعازيه لأسرة السفير.
واكدت وزارة الخارجية لجنوب إفريقية أن فريقًا دبلوماسيًا يتابع التحقيقات بالتنسيق مع السلطات الفرنسية.
وفي ذات السياق، أعربت السفارة الفرنسية في بريتوريا عن "أسفها العميق"، مؤكدة تعاونها الكامل مع التحقيقات
علامات استفهام سياسية
ورغم أن السلطات الفرنسية تتحدث بحذر عن "انتحار محتمل"، فإن الحادثة أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط الإعلامية والسياسية:
ومن جانبها أوضحت صحيفة فايننشال إلى أن مثيثوا كان قد واجه مؤخرًا اتهامات سياسية بالفساد والتورط في ملفات حساسة، وهو ما قد يكون ترك أثرًا نفسيًا عليه.
وربطوا محللون دوليون بين الواقعة ومواقف جنوب إفريقيا الأخيرة في المحافل الدولية، خاصة دورها البارز في تقديم ملف إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية" في غزة، إلى جانب تقارب باريس وبريتوريا في مواقف متشددة تجاه الاحتلال الإسرائيلي.
ونجد بعض الأصوات داخل جنوب إفريقيا اعتبرت أن "توقيت الحادثة يثير الشكوك"، نظرًا للتوترات السياسية والدبلوماسية القائمة
تغطية الصحف العالمية
وقد نقلت أسوشيتد برس (AP) عن المدعي العام أن النافذة "فُتحت بالقوة" وأن التحقيقات ستحدد ما إذا كانت الوفاة انتحارًا أم أن هناك شبهة جنائية.
وبدورها ركزت وكالة رويترز على الغموض الذي يحيط بالحادثة وصمت البعثة الدبلوماسية الجنوب إفريقية في باريس.
وقال الخبير في الشؤون الإفريقية، دكتور موسى دياوارا، أن "وفاة مثيثوا لا يمكن فصلها تمامًا عن المناخ السياسي المضطرب في جنوب إفريقيا، وعلاقاته المعقدة مع قضايا الفساد والتحالفات الإقليمية".
ومن جانبة قال المحلل الفرنسي جون لوك مارتان لـ"لو فيغارو": "من المبكر الحديث عن مؤامرة، لكن لا شك أن التوقيت سيغذي روايات تربط بين هذه الوفاة والمواقف الصارمة لبريتوريا وباريس تجاه إسرائيل"
رحيل السفير الجنوب إفريقي في باريس على هذا النحو المأساوي فتح الباب أمام تكهنات تتجاوز البعد الشخصي إلى أبعاد سياسية ودبلوماسية حساسة. وبينما تصر النيابة العامة الفرنسية على مسار التحقيقات التقنية، يذهب المحللون إلى قراءة الحدث في سياق أشمل، يرتبط بالتحولات الراهنة في الموقفين الفرنسي والجنوب إفريقي من الصراع في الشرق الأوسط
تطبيق نبض

