إثيوبيا تستمر في تحدي القانون الدولي بسد النهضة.. وزارة الموارد المائية تحذر من كارثة مائية وشيكة
تتابع وزارة الموارد المائية والري المصرية عن كثب تطورات فيضان نهر النيل لهذا العام، في ظل استمرار إثيوبيا في اتخاذ قرارات أحادية الجانب بشأن إدارة سدها غير الشرعي، المعروف بسد النهضة، دون مراعاة القوانين الدولية أو مبادئ التعاون المائي الإقليمي.
تؤكد الوزارة أن هذه التصرفات تُظهر استخفافًا بحياة وأمن شعوب دولتي المصب مصر والسودان، وتكشف بوضوح النوايا السياسية لاستخدام المياه كورقة ضغط في النزاعات الإقليمية، متجاوزة بذلك مبادئ المسؤولية المشتركة والتعاون الدولي.
مستويات الفيضان الحالية مقارنة بالسنوات السابقة
تشير بيانات وزارة الموارد المائية إلى أن فيضان هذا العام أعلى من المتوسط التاريخي بحوالي 25% عند المصادر الثلاثة الرئيسية للنهر، وهي النيل الأبيض والنيل الأزرق ونهر عطبرة.
إلا أن حجم الفيضان لم يصل إلى مستويات العام الماضي الذي شهد فيضانًا استثنائيًا. وعلى الرغم من ذلك، فإن الأفعال الإثيوبية أثرت بشكل سلبي على تدفق المياه الطبيعي في النهر.
مخالفات إثيوبية في ملء وتشغيل سد النهضة
كان من المفترض أن تقوم إثيوبيا بملء سد النهضة تدريجيًا بين يوليو وأكتوبر، ثم تنظم تصريف المياه لتوليد الكهرباء. غير أن الرصد المائي كشف عن تجاوزات كبيرة، حيث قامت إثيوبيا في نهاية أغسطس بتخزين كميات مياه أكبر من المتوقع، وقللت بشكل مفاجئ تصريف المياه من 280 مليون متر مكعب يوميًا إلى 110 ملايين متر مكعب في 8 سبتمبر 2025، دون مبرر فني أو بيئي.
تزامنت هذه التصرفات مع "احتفال افتتاح سد النهضة" في 9 سبتمبر، حيث تم فتح المفيض الأوسط ومفيض الطوارئ لفترة زمنية قصيرة لإظهار صورة إعلامية تبرز نجاح المشروع، متجاهلين الآثار السلبية على الأمن المائي لمصر والسودان.
الفيضانات الصناعية المفتعلة وتداعياتها الكارثية على السودان
بعد الاحتفال، قامت إثيوبيا بتصريف كميات كبيرة من المياه تجاوزت 485 مليون متر مكعب في يوم واحد (10 سبتمبر)، ثم ارتفعت إلى 780 مليون متر مكعب في 27 سبتمبر، قبل أن تنخفض إلى 380 مليون متر مكعب في 30 سبتمبر. كما شهد سد النهضة انخفاضًا في منسوبه بنحو متر واحد، ما يعادل تصريف حوالي 2 مليار متر مكعب من المياه المخزنة، دون أسباب فنية واضحة.
أدت هذه التصرفات إلى التقاء كميات مياه كبيرة في توقيت غير معتاد من العام، مع تغير أنماط الأمطار في السودان وارتفاع إيراد النيل الأبيض، ما تسبب في "فيضان صناعي مفتعل" أغرق مساحات زراعية واسعة وقرى كاملة في السودان، وسط ضعف الاستعدادات والبنية التحتية في البلاد.
وفي مواجهة هذه الأزمة، اضطر مشغلو سد الروصيرص السوداني إلى تمرير معظم المياه لتجنب تعرض السد للخطر نتيجة للسعة التخزينية المحدودة لديهم.
تحذيرات وزارة الموارد المائية
أكدت الوزارة أن ملء سد النهضة بهذه السرعة غير القانوني، تلاه تصريف مائي ضخم بعد الاحتفال، لم يكن إجراءً فنياً أو اضطراريًا، بل يعكس نقص الانضباط والمسؤولية في تشغيل هذا السد الاستراتيجي والخطير.
وحذرت من أن هذه السياسات الأحادية تؤدي إلى تغيير نمط الفيضان الطبيعي، الذي عادة ما يبلغ ذروته في أغسطس، مما يسبب فيضانات صناعية متأخرة تترك آثارًا مدمرة على الأراضي الزراعية وحياة الملايين في دول المصب.
وأشارت الوزارة إلى التقارير التي أصدرتها منظمة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) بشأن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالسودان، مؤكدة أن استمرار مثل هذه التصرفات يهدد الأمن المائي ويعرض حياة ومقدرات الشعوب للخطر.
دعوة لتفعيل آليات التعاون الدولي لتفادي أزمة مائية مستمرة
اختتمت وزارة الموارد المائية بيانها بالتأكيد على تحذيرات مصر المتكررة من مخاطر بناء وتشغيل سد النهضة بسعة تخزينية تصل إلى 74 مليار متر مكعب دون اتفاق قانوني ملزم أو تنسيق مشترك مع دولتي المصب.
وحذرت من أن استمرار إثيوبيا في اتباع سياسات منفردة وسط غياب آلية دولية ملزمة سيبقي منطقة حوض النيل في دائرة الخطر المائي الدائم، سواء في أوقات الجفاف أو الفيضانات، مما يستدعي تكاتف الجهود الدولية والإقليمية لضمان إدارة عادلة ومسؤولة لمياه النهر، حماية لمصالح جميع الدول المعنية، وضمان استقرار وأمن المنطقة.
تطبيق نبض