توقعات بخفض أسعار الفائدة في مصر
المركزي المصري يشعل التوقعات قبل اجتماع الحسم.. خفض الفائدة يقترب والاقتصاد على أعتاب مرحلة جديدة
مع اقتراب عقارب الساعة من موعد اجتماع الحسم، تتجه أنظار الأسواق والمستثمرين والمواطنين على حد سواء نحو مبنى البنك المركزي المصري، حيث تُصنع القرارات التي ترسم ملامح الاقتصاد في المرحلة المقبلة، فأسعار الفائدة، التي لطالما كانت كلمة السر في معادلة الادخار والاستثمار والتضخم، تعود مجددًا إلى صدارة المشهد، وسط حالة من الترقب المشوب بالحذر والتفاؤل الحذر في آنٍ واحد.
توقعات بخفض أسعار الفائدة في مصر
الاقتصاد المصري، الذي مر خلال الأعوام الماضية بسلسلة من التحديات الصعبة، بدأ يرسل إشارات مختلفة مع نهاية عام 2025، مؤشرات التضخم، التي أرهقت جيوب المواطنين وأثقلت كاهل الشركات، أظهرت تراجعًا نسبيًا في قراءاتها الأخيرة، ما فتح الباب واسعًا أمام الحديث عن تغيير مرتقب في سياسة التشديد النقدي التي استمرت لفترة طويلة، وما يخص البنك المركزي المصري.
هذه الإشارات لم تمر مرور الكرام على بيوت الخبرة والمؤسسات الدولية، التي سارعت إلى قراءة الأرقام وتحليلها، لتخرج بتوقعات تشير إلى أن خفض أسعار الفائدة بات أقرب من أي وقت مضى، بخصوص قرارا متوقعة من البنك المركزي المصري تخص سعر الفائدة.

اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل لا يُعد مجرد لقاء دوري روتيني، بل يمثل محطة مفصلية في مسار السياسة النقدية، خاصة كونه الاجتماع الأخير في عام 2025. فبعد سلسلة من القرارات القاسية التي اتخذها البنك المركزي خلال العام بهدف كبح جماح التضخم وحماية استقرار السوق، يبدو أن المشهد بات مهيأً لالتقاط الأنفاس، ولو تدريجيًا. الحديث الآن لا يدور حول ما إذا كان الخفض سيحدث، بل حول حجمه وتوقيته وتأثيره المحتمل على مختلف القطاعات.
تحفيز الاستثمار ودعم النشاط الإنتاجي
في الشارع الاقتصادي، تتباين الآراء. فهناك من يرى أن خفض الفائدة بات ضرورة لتحفيز الاستثمار ودعم النشاط الإنتاجي، في ظل ارتفاع تكلفة التمويل وتباطؤ بعض القطاعات. وفي المقابل، يحذر آخرون من التسرع، مشيرين إلى أن مخاطر التضخم لم تختفِ تمامًا، وأن أي قرار غير محسوب قد يعيد الضغوط السعرية إلى الواجهة، خاصة مع توقعات بتعديلات مرتقبة في بعض الأسعار الخدمية خلال العام المقبل.
وسط هذا الجدل، تبرز توقعات المؤسسات الدولية والمحللين، التي اتفقت في مجملها على أن البنك المركزي يمتلك الآن مساحة حركة أكبر مقارنة بالفترات السابقة. فأسعار الفائدة الحقيقية لا تزال عند مستويات مرتفعة نسبيًا، ما يمنح صناع القرار هامشًا لخفضها دون الإضرار باستقرار السوق أو فقدان السيطرة على معدلات التضخم.
كما أن المؤشرات الأخيرة المتعلقة بتأثير زيادات الوقود والإيجارات أظهرت، وفق بعض التقديرات، أن الاقتصاد بدأ يستوعب الصدمات بشكل أفضل.
وهكذا، يقف الاقتصاد المصري عند مفترق طرق: إما الاستمرار في نهج الحذر الشديد، أو البدء في فتح صفحة جديدة من التيسير المدروس. قرار المركزي المرتقب لن يكون مجرد أرقام تُعلن في بيان رسمي، بل رسالة واضحة للأسواق حول اتجاه السياسة النقدية في المرحلة المقبلة، وما إذا كانت البلاد تدخل بالفعل مرحلة انتقالية نحو استقرار أكثر توازنًا بين كبح التضخم ودعم النمو.
ترجيحات قوية بخفض أسعار الفائدة بنسب متفاوتة
تشير توقعات واسعة النطاق إلى أن البنك المركزي المصري يتجه لاتخاذ خطوة جديدة على صعيد السياسة النقدية خلال اجتماعه المرتقب يوم الخميس، مع ترجيحات قوية بخفض أسعار الفائدة بنسب متفاوتة، و استطلاعات رأي شملت مؤسسات بحثية وخبراء اقتصاديين محليين ودوليين أجمعت على أن قرار الخفض قد يتراوح بين 50 و200 نقطة أساس، مع متوسط متوقع يقارب 100 نقطة.
ويأتي هذا الاجتماع في توقيت بالغ الحساسية، إذ يُعقد مع ختام عام 2025، وفي ظل تسجيل معدل التضخم تراجعًا طفيفًا خلال شهر نوفمبر، ليصل إلى 12.3% مقارنة بـ12.5% في أكتوبر، ما اعتبره محللون مؤشرًا إيجابيًا يمنح صناع السياسة النقدية مساحة أوسع للتحرك.
استطلاع أجرته وكالة «رويترز» وشمل 14 خبيرًا اقتصاديًا رجّح أن يتجه المركزي إلى خفض الفائدة بنسبة 1%، لتسجل 20% على الإيداع و21% على الإقراض، رغم أن أسعار الفائدة الحقيقية في مصر لا تزال من بين الأعلى عالميًا، حتى بعد التخفيضات الكبيرة التي أُقرت منذ بداية العام.
ويرى خبراء بمعهد التمويل الدولي أن تحسن بيانات التضخم يوفر مبررًا قويًا لخفض الفائدة، إلا أنهم في الوقت ذاته حذروا من مخاطر مستقبلية قد تعيد الضغوط التضخمية، خاصة مع احتمالات تعديل أسعار الكهرباء في مطلع 2026.
من جانبه، أشار محللون في بنوك استثمار كبرى إلى أن تأثيرات الزيادات الأخيرة في أسعار الوقود جاءت أقل حدة من المتوقع، وهو ما انعكس بوضوح في قراءة التضخم، الأمر الذي عزز فرص اتخاذ قرار بالخفض. كما توقعوا أن يمتد مسار التيسير النقدي خلال العام المقبل، مع إمكانية خفض الفائدة بنسب تراكمية قد تصل إلى 5%.
وتتقاطع هذه التقديرات مع توقعات استطلاعات أخرى، من بينها استطلاع أجرته CNBC، رجح أن تتراوح نسبة الخفض بين 1% و2%، استنادًا إلى تباطؤ وتيرة التضخم واستقرار بعض المؤشرات الاقتصادية الكلية.
في المحصلة، يبدو أن قرار البنك المركزي بات محاطًا بإجماع نسبي على ضرورة البدء في تخفيف القيود النقدية، لكن بشكل تدريجي ومحسوب، يوازن بين دعم النمو الاقتصادي والحفاظ على استقرار الأسعار.