دواء جديد لسرطان الثدي يخفض تطور المرض بنسبة 40%.. ثورة طبية قد تقلل الحاجة للعلاج الكيماوي
يحتفل العالم في أكتوبر من كل عام بـ شهر التوعية بسرطان الثدي، وهو من أكثر أنواع السرطان انتشارًا بين النساء عالميًا. وفي خطوة تُعد اختراقًا علميًا جديدًا في مجال علاج الأورام، أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) موافقتها على طرح علاج مبتكر لسرطان الثدي المتقدم، يُعرف باسم Inluriyo، والذي أظهر نتائج واعدة في تقليل خطر تطور المرض بنسبة 40% مقارنة بالعلاجات التقليدية.
آلية عمل الدواء الجديد
يُعد الدواء الجديد مضادًا لمستقبلات الإستروجين يؤخذ عن طريق الفم، ويستهدف البالغين المصابين بأنواع محددة من سرطان الثدي، وهي:
سرطان الثدي الموجب لمستقبلات الإستروجين (ER+)
سرطان الثدي السلبي لمستقبلات عامل نمو البشرة البشري 2 (HER2-)
الأنواع المتقدمة أو النقيليّة المتحورة بجين ESR1
ويُستخدم الدواء أيضًا لمن لاحظوا تطور المرض بعد خضوعهم لعلاج هرموني سابق، وفقًا لبيان رسمي نُشر عبر موقع Times Now.
وفي المرحلة الثالثة من تجارب EMBER-3 السريرية، أثبت الدواء أنه يقلل خطر تطور السرطان أو الوفاة بنسبة 8% إضافية مقارنة بالعلاجات الهرمونية المعروفة، إذ يعمل على الارتباط بمستقبلات الإستروجين وتعطيلها وتحليلها، ما يؤدي إلى إبطاء نمو الخلايا السرطانية ووقف انتشارها.
نتائج واعدة في بقاء المرضى على قيد الحياة
وفقًا للفريق العلمي المشارك في التجربة، شهدت المريضات المصابات بـ الطفرات الجينية ESR1 تحسنًا كبيرًا في فرص البقاء دون تطور المرض، إذ بلغ متوسط البقاء أكثر من خمسة أشهر مقارنةً بثلاثة أشهر فقط باستخدام العلاجات السابقة.
وأكدت الدكتورة كومال جهافيري، المدير السريري لتطوير الأدوية المبكرة في مركز "ميموريال سلون كيترينج" للسرطان بالولايات المتحدة، أن هذا الدواء يمثل "تقدمًا مهمًا في علاج سرطان الثدي المتحور جينيًا"، موضحة أن الطفرة ESR1 موجودة لدى ما يقرب من نصف المريضات اللاتي خضعن سابقًا لعلاج هرموني، ما يجعل العلاج الجديد خيارًا مثاليًا للحد من مقاومة الجسم للأدوية القديمة.
وأضافت أن "الدواء يمتاز بفعاليته المثبتة وسهولة تناوله عبر الفم، إضافة إلى مستوى تحمّل جيد وآثار جانبية محدودة نسبيًا، مما يجعله خيارًا بديلًا ومفيدًا لفئة واسعة من المرضى".
الآثار الجانبية والتحذيرات الطبية
رغم النتائج الإيجابية، يحذر الأطباء من تناول الدواء دون استشارة طبية، خاصة للحوامل، إذ قد يؤدي إلى أضرار على الجنين.
وشملت أبرز الآثار الجانبية المسجلة خلال التجارب ما يلي:
آلام في الجسم والشعور بالإرهاق
اضطرابات في الجهاز الهضمي (إسهال أو إمساك)
ارتفاع في مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية
انخفاض في عدد الصفائح الدموية والهيموغلوبين
انخفاض في مستويات الكالسيوم بالدم
وأكدت الشركة المنتجة أن الدواء سيكون متاحًا في الولايات المتحدة خلال الأسابيع المقبلة تمهيدًا لتداوله عالميًا لاحقًا بعد موافقات الجهات الصحية في كل دولة
هل يقلل هذا التطور من الاعتماد على العلاج الكيماوي؟
يرى عدد من الخبراء أن ظهور هذا النوع من الأدوية الذكية، التي تستهدف الطفرات الجينية بدقة وتعمل على تعطيل مستقبلات النمو الهرمونية، يمهد لمرحلة جديدة في علاج السرطان، حيث قد ينخفض الاعتماد تدريجيًا على العلاج الكيماوي خلال السنوات المقبلة، خاصة في حالات الأورام التي يمكن السيطرة عليها بالعلاج الموجه أو المناعي.
فالعلاج الكيماوي، رغم فعاليته، يظل مرتبطًا بآثار جانبية شديدة تشمل تساقط الشعر، ضعف المناعة، الغثيان، تلف الخلايا السليمة، واضطرابات بالجهاز العصبي والهضمي، مما يجعل الكثير من المرضى يعانون أكثر من مضاعفات العلاج ذاته.
ويؤكد أطباء الأورام أن الأدوية الجديدة مثل Inluriyo قد تفتح الباب أمام مرحلة علاجية أكثر أمانًا وإنسانية، تركز على “إيقاف تطور المرض بدلًا من تدمير الخلايا بالكامل”، وهو تحول كبير في فلسفة علاج السرطان المعاصر
خطوة تفتح أفقًا جديدًا في علاج سرطان الثدي
بهذا الإنجاز، تكون الأبحاث الطبية قد أضافت سلاحًا جديدًا إلى ترسانة مكافحة السرطان، خصوصًا سرطان الثدي المتقدم الذي يشكل تهديدًا رئيسيًا لصحة النساء عالميًا.
ويرى خبراء الصحة أن السنوات القادمة قد تشهد تراجعًا في استخدام العلاج الكيماوي تدريجيًا لصالح العلاجات الموجهة والهرمونية المتطورة، مع تطوير مستمر يهدف إلى تحقيق التوازن بين الفاعلية وتقليل الأضرار الجانبية.