مصر تقلّص واردات الغاز 56% وتوفّر حتى 770 مليون دولار خلال شهرين
في خريطة الطاقة العالمية المتقلّبة، لا شيء ثابت سوى تغيّر الأرقام، ومع اقتراب فصل الشتاء وارتفاع الطلب على الوقود في معظم دول العالم، اختارت مصر أن ترسم طريقًا مختلفًا وأن تعيد ترتيب أولوياتها في استيراد الغاز الطبيعي المسال.
خفض الفاتورة وتعظيم الاستفادة من الإنتاج المحلي والغاز
قرارات اقتصادية محسوبة، وتحوّل ملحوظ في استراتيجية الطاقة، ورهان واضح على خفض الفاتورة وتعظيم الاستفادة من الإنتاج المحلي والغاز من إحدى دول الجوار، خلف هذه القرارات ملفات أعمق من مجرد أرقام؛ هي قراءة اقتصادية في لحظة غازية حساسة، حيث تتغير الاحتياجات وتتبدّل خطوط الإمداد وفق حرارة الجو وحركة السوق العالمية.
جرى التخفيض بنسبة 56% خلال شهري ديسمبر الحالي ويناير القادم
حسمت مصر موقفها من واردات الغاز خلال الفترة الشتوية، واتجهت نحو تقليص الكميات المستوردة بصورة كبيرة، بعد مراجعة الاحتياجات الفعلية للسوق المحلية. فوفق مصدر حكومي رفيع، جرى التخفيض بنسبة 56% خلال شهري ديسمبر الحالي ويناير القادم، ليقتصر الاستيراد على 7 شحنات شهريًا بدلًا من نحو 16 شحنة وصلت في نوفمبر الماضي.
ويأتي القرار نتيجة انخفاض استهلاك الطاقة داخل السوق، ما دفع وزارة البترول إلى تأجيل وصول 11 شحنة إضافية كان من المفترض استقبالها خلال ديسمبر، ليرتفع عدد الشحنات المؤجلة منذ بداية العام وحتى الربع الأول من 2026 إلى 25 شحنة.
ويقدّر حجم كل شحنة بنحو 150 ألف متر مكعب من الغاز المسال، وبقيمة إجمالية تُراوح بين 700 و770 مليون دولار للشحنات المقررة خلال ديسمبر ويناير معًا، كما تم وضع شحنتين تحت بند الاحتياج الطارئ تحسبًا لأي نقص مفاجئ قد يطرأ على مصادر التوريد الأخرى.
رقم يتماشى مع متوسط الاستهلاك الداخلي
أما المعادلة اليومية لتدفق الغاز داخل البلاد، فتشير إلى احتياج يصل إلى 6.2 – 6.3 مليار قدم مكعبة في ديسمبر، منها 1 مليار قدم مكعبة من الغاز المسال، و1.1 مليار قدم مكعبة من الغاز الإسرائيلي، إضافة إلى الإنتاج المحلي الذي يسجل 4.2 مليار قدم مكعبة، وبذلك يصبح إجمالي المتاح من المصادر المختلفة نحو 6.3 مليار قدم مكعبة يوميًا، وهو رقم يتماشى مع متوسط الاستهلاك الداخلي.
ويُعزى جانب من خفض الشحنات إلى تراجع احتياجات وزارة الكهرباء بعد تحسن درجات الحرارة مقارنة بالتوقعات السابقة، ما خفّض استهلاك المحطات التقليدية من الوقود، ووفق المصدر، فإن الحكومة تسعى للتحول نحو عقود توريد بأسعار أقل خلال 2026، بحيث تنخفض تكلفة المليون وحدة حرارية بنحو دولارين مقارنة بالأسعار الحالية التي تراوحت بين 12 و14 دولارًا.
وتتطلع مصر لخفض مباشر في فاتورة الاستيراد الشهرية، خاصة وأن الدولة تتحمل تكلفة الغاز والمازوت الموردين للمحطات، كما أطلقت الحكومة خلال 2025 حوافز تشجيعية للشركات الأجنبية، تضمنت السماح بنسبة من صادرات الغاز الجديدة لاستخدامها في سداد المستحقات، إلى جانب رفع الأسعار الممنوحة لشركات الإنتاج في بعض الحقول ضمن خطة دعم الاستثمار.
تطبيق نبض