عاجل
الأحد 14 ديسمبر 2025 الموافق 23 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
عمرو الديب

بعد هجوم «سيدني»..محلل سياسي يكشف لـ تحيا مصر كيف قادت سياسات نتنياهو إلى عزلة دولية غير مسبوقة؟

تحيا مصر

بعد الهجوم الذي استهدف الجالية اليهودية في سيدني اليوم، واسفر عن مقتل أكثر من 10 أشخاص بالإضافة إلى عشرات المصابين.

قال نعمان توفيق العابد من خلال تصريحاته الخاصه   إن تصاعد مشاعر الغضب والكراهية تجاه إسرائيل على المستوى العالمي لا يمكن فصله عن السياسات التي انتهجها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكوماته المتعاقبة، والتي قامت – بحسب وصفه  على( التنكر) الكامل لمسارات السلام، (ورفض) الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.

وأوضح العابد لتحيا مصر، أن هذه السياسات لم تتوقف عند حدود التعطيل السياسي، بل انتقلت إلى حرب إبادة جماعية متواصلة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لما يقارب عامين، أسفرت عن أعداد هائلة من الشهداء والجرحى، ودمار شبه كامل للقطاع، وتفكيك متعمد للبنية التحتية المدنية والإنسانية، في مشهد (غير مسبوق )أعاد تشكيل( الوعي العالمي) تجاه طبيعة السلوك الإسرائيلي.

وأضاف الدبلوماسي السابق لتحيا مصر، أن الاعتداءات الإسرائيلية لم تقتصر على غزة فقط، بل امتدت إلى الضفة الغربية والقدس الشرقية، وصولًا إلى الاعتداءات المتكررة على جنوب لبنان وسوريا، وتهديد أمن واستقرار المنطقة بأكملها، في ظل خطاب سياسي( متطرف) تتبناه حكومة توصف( بالفاشية،) تقوم وتنتهج  أفكار التطهير العرقي، ومحاولات( تصفية) القضية الفلسطينية، والدعوة الصريحة أو الضمنية إلى التهجير القسري للشعب الفلسطيني من أرضه ووطنه.

وفي ذات السياق، أكد العابد من خلال تصريحاته الخاصه،  أن هذه السياسات كشفت( زيف) الادعاءات الإسرائيلية التي طالما رُوِّج لها عالميًا، سواء ما يتعلق بكون إسرائيل «الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط»، أو بادعائها امتلاك «الجيش الأكثر أخلاقية وانضباطًا في العالم»

مشددًا على أن الواقع الميداني وما تشهده المحاكم الدولية اليوم ينسف هذه الروايات بالكامل.

وكشف  العابد (لتحيا مصر) العديد من الإجابات التحليلية  للمشهد الان ،وقال نعمان توفيق، أن العالم بات( شاهدًا) على تورط دولة الاحتلال الإسرائيلي في اتهامات مباشرة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وصولًا إلى تهم الإبادة الجماعية أمام المحكمة الجنائية الدولية، وهي اتهامات  بحسب وصف  العابد ، لم تُوجَّه تاريخيًا إلا إلى )العصابات المسلحة) أو( الدول المارقة) و(الخارجة) عن منظومة القانون الدولي، وهو ما يضع إسرائيل في موقع (غير مسبوق) على الساحة القانونية والسياسية الدولية.

وتابع الدبلوماسي السابق، تصريحاته هذه بان التطورات لم تؤدِ فقط إلى نفور شعبي عالمي متصاعد تجاه إسرائيل، بل بدأت تنعكس أيضًا على مواقف الدول، حيث باتت العديد من الحكومات( تنأى) بنفسها سياسيًا وأخلاقيًا عن سياسات حكومة نتنياهو، في ظل إدراك متزايد بأن الاستمرار في دعم هذا النهج يحمل كلفة سياسية وقانونية باهظة.

وأشار العابد  إلى أن هذه العزلة الدولية المتنامية تفتح الباب أمام سؤال جوهري وخطير بات يُطرح علنًا في الأوساط السياسية والفكرية العالمية
، وهو سؤال( شرعية) وأحقية وجود دولة( الاحتلال الإسرائيلي) في الشرق الأوسط،( واستمرار) احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية، في ظل انتهاكها الممنهج للقانون الدولي.

وفيما يتعلق بالداخل الإسرائيلي، أكد العابد لتحيا مصر، أن الشعب الإسرائيلي نفسه بات يدفع ثمن هذه السياسات، حيث يعيش حالة متصاعدة من( القلق) (وعدم الأمان)، وشعورًا )بالعزلة الدولية)، نتيجة السياسات التي قادها نتنياهو، وهو ما قد يدفع قطاعات متزايدة من المجتمع الإسرائيلي إلى توجيه (أصابع) الاتهام مباشرة إلى رئيس الحكومة باعتباره المسؤول الأول عن هذا الانكشاف السياسي والأخلاقي.

وختم نعمان توفيق العابد تصريحه بالتأكيد على أن سياسات نتنياهو لم تُسهم فقط في( تصعيد )الصراع، بل أدخلت إسرائيل في( مأزق) وجودي حقيقي، يتمثل في فقدان التعاطف الدولي، وتآكل شرعيتها الأخلاقية، وازدياد التساؤلات حول مستقبل قيادتها، وإمكانية الإطاحة بنتنياهو سياسيًا، ليس فقط بفعل الضغوط الخارجية، بل نتيجة تراكم أزمات داخلية تهدد تماسك المجتمع الإسرائيلي ذاته


نتنياهو وسياساتُ الكراهية: كيف أَسهمت قِيادته في عزلة إسرائيل الدولية؟

من السلام إلى الإبادة الجماعية في وعي الشعوب .

وفي ذات السياق، ياتي السؤال عن تأثير سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على صورة إسرائيل في العالم لا يمكن فصله عن خلفية سياسات السلام التي تم التنكر لها، سواء على مستوى الاعتراف بحق تقرير المصير الفلسطيني أو إقامة دولة مستقلة. هذه الوعود بمبادرات سلام تم تجاهلها، مما ألقى بظلالٍ ثقيلة على المصداقية الإسرائيلية أمام الرأي العام العالمي، وجعلها تبدو كمن لا يمتلك إرادة حقيقية لحل سياسي عادل وشامل.

ثم جاءت حرب غزة التي امتدت نحو عامين، والتي أودت بحياة أعداد هائلة من المدنيين، وتسببت في دمار شبه كامل لقطاع غزة، وتركت أثرًا إنسانيًا كارثيًا في الوعي العالمي، مع تكرار المعلومات عن ارتفاع أعداد الشهداء والجرحى وتدمير البنية التحتية المدنية.

النتيجة كانت بيئة عالمية استنكارية تجاه السياسات الإسرائيلية التي تُروّج نفسها كأقلية ديمقراطية في المنطقة وأخلاقية في التعاطي العسكري، في حين يشهد الواقع على الأرض خلاف ذلك.

2. نتنياهو وسياسات اليمين المتطرف: جذور العداء العالمي

السياسات التي قادها نتنياهو في السنوات الأخيرة، خصوصًا بعد أكتوبر 2023، لا يمكن فصلها عن تهافت اليمين المتطرف داخل ائتلافه الحكومي، والتي أسفرت عن تبني مواقف تصعيدية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، وصولًا إلى عمليات عسكرية واسعة دفعت المجتمع الدولي إلى إعادة تقييم مواقفها التقليدية من تل أبيب.

هذا التصعيد ساهم في إضعاف السردية الإسرائيلية التقليدية كديمقراطية مستقرة، وأظهرها أكثر كدولة تواجه اتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك دعوات لتطبيق التطهير العرقي وتشجيع الهجرة القسرية من الأراضي الفلسطينية، وهو ما أضاف شرعية نقد عالمي واسع ضد الحكومة الإسرائيلية.


3. تأثير الحرب على الرأي العام العالمي

العديد من التحليلات والملاحظات الدولية تُشير إلى أن الأحداث التي وقعت في الحرب على غزة والضفة الغربية أطلقت موجات من الاستنكار العالمي، ليس فقط في بلدان العالم الثالث، بل أيضًا في قلب أوروبا وأمريكا الشمالية.

واكدت تقارير دولية  أن الحرب لم تُقضِ فقط على البنية التحتية بل أدّت إلى تحول نظرة الشعوب تجاه إسرائيل كقوة احتلال، مما جعل مواقف مؤيدة لها تقلّ في بعض الأحيان أمام ضغوط مجتمعية قوية تطالب بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.

وفي بعض الحالات، حتى التأييد الأمني التقليدي لإسرائيل في دول غربية بدأ يتراجع أو على الأقل يخضع لنقاشات سياسية وأخلاقية أوسع عن جدوى وحتمية استمرار الدعم دون ضمانات واضحة لحقوق الإنسان.


4. نتنياهو ومساءلة دولية غير مسبوقة

أحد أبرز العوامل التي عززت من وصمة العداء الدولي المكثف هو ارتباط اسم نتنياهو شخصيًا بمساءلة قانونية على الساحة الدولية. ففي نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمر توقيف بحق نتنياهو وغيره من كبار المسؤولين الإسرائيليين بتهم تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وهي خطوة غير مسبوقة في التاريخ الحديث تتعلق بقائد دولة تُعد من حلفاء الغرب.

هذا لا يُشير فقط إلى مستوى غير مسبوق من التوتر مع القانون الدولي، بل يعكس أيضًا أن السياسات التي قادها نتنياهو لم تعد موضع جدل داخلي فقط، بل على الساحة القانونية الدولية نفسها، ما عزز شعورًا عالميًا بأن هناك ضررًا عميقاً حدث لمبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان.

5. العداء الشعبي المؤثر: من التأييد إلى النقد

نتنياهو نفسه لم يربط دائمًا بين سياساته وردود الفعل السلبية حول العالم، بل بقي البعض من حكومته يروج لفكرة أن ما يجري هو نتيجة أعداء خارجيين أو تحريض إعلامي. لكن ما لا يمكن تجاهله هو أنه وفق تحليلات دولية وحتى تصريحات لمسؤولين دوليين، فقد ساهمت السياسات نفسها، كما وصفتها مؤسسات فكرية، في خلق بيئة من العداء والنقد المفتوح ضد إسرائيل، حتى في بعض دوائر القوى الغربية التقليدية.


6. مستقبل نتنياهو: سياسات، ضغوط، واحتمالات الإطاحة

أ. الضغوط القانونية والسياسية داخليًا وخارجيًا

جدير بالذكر، نتنياهو يواجه توترًا داخليًا متصاعدًا في إسرائيل حول قضايا الحكم والسلطة، وهو مرتبط بتحديات قانونية واتهامات بالفساد تابعة لقضايا منذ 2020، كما أن طلبه للحصول على عفو رئاسي أثار انقسامات في المجتمع الإسرائيلي، مما يعكس حالة من الضغط السياسي الداخلي التي قد تؤثر على شرعيته.

ب.احتمالات الإطاحة السياسية

وتشير تحليلات عديدة  أن مستقبل نتنياهو السياسي غير مضمون بالكامل. رغم أنه مازال يتمتع بدعم داخل كتلة اليمين، فإن استمراره يعتمد على تحالفات هشة، وغياب إنجازات واضحة على الأرض أو إنهاء الحرب — وهي عوامل قد تنعكس باستطلاعات انتخابية أو تصويت في الكنيست.

الميزان العالمي والإقليمي

وختاما ، وفي ظل استمرار الضغوط الدولية نتيجة جرائم الحرب المحتملة وأحكام المحكمة الجنائية، هناك احتمال نظري بأن ضغطًا دوليًا متزايدًا قد يدفع إلى محاسبة أو تغييرات في القيادة، خصوصًا إذا تدهورت العلاقات مع حلفاء تقليديين أو انعكس الاستياء العالمي على علاقات إسرائيل الدبلوماسية والاقتصادية.

ولكن من الضروري التأكيد أن نسبة الإطاحة بنتنياهو في القريب العاجل لا يمكن تحديدها برقم مئوي دقيق؛ لأنها تعتمد على عوامل سياسية داخلية إسرائيلية معقدة، تشمل الضغوط القانونية، والاستطلاعات، وخيارات الأحزاب الأخرى، والتوازنات الحكومية في الكنيست .


إرث سياسي وسياسات أثرت في صورة الدولة

السياسات التي اتبعها نتنياهو منذ 2023، والتي أفضت إلى تصعيد عسكري واسع، وتهم قانونية خطيرة على المستوى الدولي، ونقد علني من متعدد الاتجاهات، قد سببت تغيرًا نوعيًا في موقف الرأي العام العالمي تجاه إسرائيل.

من كان يرى إسرائيل كـ«الديمقراطية الوحيدة» في المنطقة أصبح اليوم يشهد جدلًا أوسع حول شرعية سياساتها، وطبيعة دعمها، ومستقبلها في المنظومة الدولية.

وإذا كان هناك درس واحد من هذه التجربة، فهو أن سياسة لا تأخذ في الحسبان العدالة وحقوق الإنسان، مهما كانت أهدافها الأمنية أو الاستراتيجية، ستؤدي في نهاية المطاف إلى عزلة دولية ونقد شعبي عالمي..

تابع موقع تحيا مصر علي