من قلب الصحراء إلى الذهب العالمي: كيف يصنع منجم السكري ثروة مصرية؟
في صحراء مصر الشرقية، حيث تمتد الرمال الذهبية على مدى البصر وتحت أشعة الشمس الحارقة، تكمن كنوز دفينة تتحدى الزمن والمكان، هنا، وعلى بعد ثلاثين كيلومترًا جنوب مدينة مرسى علم، ينبض أكبر منجم للذهب في مصر، منجم السكري، بطاقة إنتاجية تتجاوز 500 ألف أونصة سنويًا، ليصبح شاهدًا حيًا على قدرة الإنسان في تحويل الصخور القاسية إلى ثروات ثمينة.
خطط زيادة الإنتاج بنسبة 8% خلال العام الحالي
رحلة الذهب في السكري ليست مجرد عملية استخراج معدني، بل هي قصة استثمار، هندسة، علم، وتخطيط استراتيجي دقيق يجعل من كل أونصة ذهب ناتجة عن جهد مشترك بين الدولة والقطاع الخاص العالمي.
منذ التسعينيات، بدأت ملامح المشروع تتشكل، قبل أن يتحول في 2009 إلى عملية إنتاجية فعلية، لتصبح تجربة السكري نموذجًا للتعاون بين هيئة الثروة المعدنية المصرية وشركة "أنغلو غولد أشانتي" العالمية، التي جلبت خبرتها وتقنياتها المتقدمة إلى قلب الصحراء.
المنجم لا يقتصر دوره على إنتاج الذهب فحسب، بل يشكل أيضًا مصدرًا أساسيًا للعملة الصعبة، ويعزز من الناتج القومي للدولة، خاصة مع خطط زيادة الإنتاج بنسبة 8% خلال العام الحالي.
يبدأ اليوم في السكري قبل شروق الشمس، حين يجتمع فرق التشغيل والهندسة والسلامة لمراجعة خطة العمل اليومية، من توقيت التفجيرات إلى تحديد مواقع الحفر، مع إجراءات صارمة لا تحتمل أي خطأ.
تحويل الصخور إلى حبيبات دقيقة
تتفجر الصخور بأطنان من المواد المتفجرة، ليتم نقل الخام عبر شاحنات عملاقة إلى الكسارات التي تقلص حجم الصخور قبل دخولها وحدات الطحن. في هذه المراحل، يتم تحويل الصخور إلى حبيبات دقيقة، تتيح فصل الذهب عن المعادن الأخرى باستخدام تقنيات متطورة، ثم يُمرر المعدن المستخلص عبر غرفة التحليل الكهربائي قبل صبه في سبائك ذهبية عالية النقاء، تخضع لمراقبة دقيقة من مصلحة الدمغة والموازين لضمان الجودة والمطابقة للمعايير الرسمية.
رحلة الذهب من السكري لا تتوقف عند الإنتاج، بل تمتد لتشمل إدارة الإيرادات وتوزيع الأرباح وفقًا للاتفاقيات المعمول بها، حيث تحصل مصر على نصف الأرباح وإتاوة 3% من صافي المبيعات، مع استثمار جزء من العوائد في تطوير المنجم نفسه. الاحتياطيات المؤكدة للسكري تبلغ نحو 6.2 مليون أوقية، مع خطط لتعزيزها بما يقارب 4.3 مليون أوقية إضافية، ما يعزز من قيمة المنجم الاستراتيجية ومكانته الاقتصادية في المنطقة.
منجم السكري هو أكثر من مجرد موقع تعدين، إنه شهادة على القدرة المصرية على استغلال مواردها الطبيعية بحكمة، وعلى التنسيق بين الدولة والخبرة العالمية لتطوير صناعة التعدين، ولخلق فرص عمل، وتعظيم الإيرادات الوطنية، وتعزيز مكانة مصر في سوق الذهب العالمي. كل خطوة في المنجم، من التفجير إلى صب السبائك، تعكس مزيجًا متقنًا من العلم، التقنية، والهندسة، حيث يتحول الحجر إلى ذهب، والرؤية الاستراتيجية إلى ثروة قابلة للتداول، تدعم الاقتصاد المصري على المدى الطويل.
يُدار المنجم بالشراكة بين الدولة وشركة "أنغلو غولد أشانتي"
منجم السكري للذهب في مصر يمثل واحدًا من أعظم مشاريع التعدين في الشرق الأوسط، حيث يبدأ يوم العمل بتفجيرات الصخور صباحًا، تليها مراحل النقل، التكسير، الطحن، والتعويم لفصل الذهب عن المعادن الأخرى. يُدار المنجم بالشراكة بين الدولة وشركة "أنغلو غولد أشانتي"، مع توزيع الأرباح بالتساوي وإتاوة إضافية لصالح مصر.
يتم فحص الخام بدقة قبل التفجير لضمان استخراج الذهب عالي التركيز، ثم تُنقل الصخور إلى المصانع لتقليص حجمها وطحنها، وصولًا إلى وحدات التعويم.
بعد الفصل الكيميائي والفيزيائي، يتم صب الذهب في سبائك عالية النقاء، تخضع لمراقبة دقيقة من الجهات الرسمية. المنجم يمثل أكثر من 70% من إنتاج الذهب في مصر، مع خطط لزيادة الإنتاج وتعزيز الاحتياطيات، ليصبح ركيزة اقتصادية استراتيجية ومصدرًا للعملة الصعبة.
تطبيق نبض