عاجل
الأربعاء 08 مايو 2024 الموافق 29 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

المستشار محمد عبد المولى يكتب: هل تنازلت مصر عن حدودها البحرية؟ (2)

تحيا مصر

اتجهت مصر في ترسيم حدودها البحرية وضمان حقوقها إلي إتباع الآليات القانونية السليمة التي تحفظ الحقوق المصرية في مياه البحر المتوسط وذلك طبقا لاتفاقية قانون البحار، ففي البداية تم تحديد خط الأساس المصري في عام 1991 ومنه تم تحديد عرض البحر الإقليمي المصري المقدر بـ 12 ميل بحري.

ومنذ إعلان هيئة المسوح الجيولوجية الأمريكية في عام 2010 منطقة شرق المتوسط كونها تحظى بما لايقل عن 122 تريليون قدم مكعب من الغاز سعت مصر إلي تأمين حقوقها في ثروات المتوسط وذلك عن طريق ترسيم الحدود البحرية مع الدولة المقابلة لها وهي قبرص وليس تركيا.

فالمياه الاقليمية والاقتصادية القبرصية تحول دون تماس المنطقة الاقتصادية المصرية مع نظيرتها التركية، ومن هنا دخلت مصر وقبرص على خط الاتفاق لترسيم الحدود البحرية بينهما طبقا للمادة 74 التي تنص على اتباع آلية الاتفاق بين الجانبين في ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة لكلا منهم، وارتأى الطرفين في ذلك الوقت أن خط المنتصف صيغة عادلة ستضمن حقوق الطرفين وعليه تم التوقيع على اتفاق ترسيم الحدود في عام 2003، ونتيجة التوافق بين الجانبين نجحت مصر وقبرص في التوقيع على اتفاق آخر في عام 2013 للاستفادة من المكامن المشتركة للغاز بين الدولتين.

اقرأ أيضا: المستشار محمد عبد المولى يكتب: هل تنازلت مصر عن حدودها البحرية؟ (1)

وردا على من يدعي أن تقسيم الحدود بين مصر وقبرص حرم مصر من منطقة كبيرة في البحر المتوسط لصالح الجانب القبرص، نقول أن المسافة بين مصر وقبرص تتخطي حوالي 210 ميل بحري، وهو ما يستحيل معه تحديد المنطقة الحدودية لكلا الدولتين على أساس 200 ميل بحري فهذة الحالة تعد اعتداء على سيادة الدولتين.

وفي حال تجاهل مصر للحقوق القبرصية واتجاها لترسيم الحدود مع تركيا تحت فرضية أن تقسيم الحدود سيكسب مصر بعض الأميال الإضافية في البحر المتوسط، فإننا في هذه الحالة سنواجه برفض دولي وأممي، ومن المحتمل أن تتعرض مصر إلي عقوبات دولية كالتي تعاني منها تركيا حاليا نتيجة اعتدائها على الحقوق القبرصية واليونانية.

اقرأ أيضا: المستشار محمد عبد المولى يكتب: الشعب الليبي مصدر السلطات

كما ساهم الاتفاق المصري القبرصي في عامي 2003 و 2013 في تعزيز الاستثمارات الدولية في مجال الطاقة في مصر ونجاح القاهرة في طرح العديد من المناقصات لاكتشاف الغاز في منطقتها الاقتصادية وهو ما تم في حقل ظُهر الذي يقدر احتياطي الغاز به حوالي 30 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.

وبعيدا عن مبادئ القانون الدولي واتفاقية قانون البحار كانت لتركيا تصورات أحادية في ترسيم الحدود البحرية، فمبدئيا تركيا ليست من الدول الموقعة على اتفاقية قانون البحار عام 1982، ومن هنا انطلقت تركيا في ترسيم حدودها البحرية بصورة أحادية متعدية بذلك على حقوق الدول الأخرى كقبرص واليونان.

اقرأ أيضا: المستشار محمد عبد المولى يكتب: حادث بيروت.. وسياسة الحقائق الغائبة!

وفي نوفمبر 2019 اتخذت أنقرة خطوة تعد استفزازية بتوقيع مذكرة تفاهم مع حكومة الوفاق الفاقدة لشرعيتها القانونية والسياسية في ليبيا مُتعدية بذلك على الحقوق اليونانية في مياه المتوسط، مستخدمة في ذلك منطق التهديد وفرض القوة الذي لفظه القانون الدولي.

وفي سبيل تدعيم خططها الرامية للاعتداء على الحقوق القبرصية واليونانية تسعى أنقرة جاهدة، إلي استمالة الموقف المصري والتلويح بأن توقيع اتفاقية ترسيم حدود بين مصر وتركيا سيعطي مصر مساحات أكبر في مياه المتوسط، إلا أننا ف هذه الحالة سنكون مخالفين لقواعد القانون الدولي ومتعديين على الحقوق اليونانية والقبرصية مما يعرض مصر للعقوبات الدولية فضلا عن إحجام شركات البترول العالمية عن التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط.


تابع موقع تحيا مصر علي