عاجل
الجمعة 10 مايو 2024 الموافق 02 ذو القعدة 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

ألفة السلامي تكتب: الجوارب غير المتطابقة

تحيا مصر

تابعت طرقاً مختلفة في احتفال العالم بالأشخاص المصابين بمتلازمة داون سيندروم، أطرفها تلك التي اعتمدت الجوارب الرياضية غير المتطابقة في ذلك اليوم تقليدًا ممتعًا وفريدًا للكثيرين في جميع أنحاء العالم، حيث ترمز الجوارب الصغيرة غير المتطابقة للكروموسومات لدى هذه الفئة وفتحت الباب للحوار حول قبول هذا الاختلاف. 

 

تحيا مصر 

يولد كل شخص من ذوي متلازمة داون بقليل من الأشياء الإضافية. كل إنسان لديه 46 كروموسوم في كل خلية. أما الأشخاص الذين يعانون من متلازمة داون فلديهم 47؛ بمعنى أنه في الجينوم البشري هناك 23 زوجًا من الكروموسومات، أما أصحاب متلازمة داون فلديهم انقسام صبغي "خطأ" للخلية يؤدي إلى وجود ثلاث نسخ من الكروموسوم 21 بدلًا من نسختين. إنها أشهر اضطراب كروموسومات وراثي، يتسبب في حدوث إعاقات التعلُّم لدى الأطفال.

وللتعرف على هذا التفرد والاحتفال به وزيادة التوعية به تم إنشاء اليوم العالمي لمتلازمة داون عام 2011 من قبل الأمم المتحدة، حيث يحتفل به العالم سنويا في الحادي والعشرين من شهر مارس.  أن يكون لديك طفل مصاب بمتلازمة داون فهذا يعني الكثير من الجهد الاستثنائي والمثابرة للاهتمام به وتحسين مهاراته. لذلك، فإن الاحتفال سنويا هو موعد للتقدير والاحتفاء ليس فقط بالأشخاص المصابين ولكن أيضا بذويهم وكافة العاملين بالمؤسسات الأهلية، والدور العظيم الذي يلعبونه في مجتمعهم والذي يحتاج أضعافا مضاعفة منه حتى يستطيع أن ينهض بهذه الفئة، خاصة في المناطق البعيدة عن المدن.

وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية في الولايات المتحدة الأمريكية، هناك أعداد كبيرة من المصابين بمتلازمة داون حيث يولد طفل واحد على الأقل مصاب من بين كل ألف ولادة حية. ومن أجل إعداد الوالدين لرعاية أطفالهم ذوي الإعاقة، هناك برامج تسمى برامج التدخل المبكر، وتهدف للمساعدة في فهم إعاقة الطفل وتعزيز نقاط القوة لديه والبناء عليها. 

ويتضمن البرنامج خطة تدخل متكاملة للعلاج الطبيعي والتخاطب والنطق وتنمية المهارات، إضافة إلى نظام غذائيّ خاصّ. كما يحتاج أغلبهم متابعة لوظائف القلب والأعصاب والعظام والسكري، حيث توجد حالات تشتكي منذ الولادة من هذه المشكلات الصحية. وتتوفر هذه الخدمات، على سبيل المثال، في العيادات التابعة لشعبة الوراثة بالمركز القومي للبحوث حيث تتلقى العديد من الأسر الدعم اللازم مبكراً لأبنائهم منذ الولادة. وقبل ذلك، أصبح متاحاً الفحص المبكر للأجنة، من خلال مراكز جامعات عين شمس والقاهرة والمنصورة، والمركز القومي للبحوث. وتؤدي تلك المراكز دورًا فعالًا في حياة الأطفال وأسرهم، رغم الحاجة للمزيد من العيادات المتخصصة في الوراثة. ويتاح بها تصوير بالموجات فوق الصوتية يسمى "فحص الشفافية القفوية"، يجرى للجنين بين الأسبوعين 11 و14 من الحمل، لقياس كيس السائل في مؤخرة عنق الطفل، وفي حالة زيادة النسبة عن 35 ملم، يوصى بعمل المزيد من الفحوصات، والتحويل إلى أحد أطباء الوراثة المختصين للتدخل المبكر، إذ أن كمية السائل المتزايدة قد تعني أن الطفل لديه احتمال للإصابة بمتلازمة داون.

وأجمل وصف سمعته في أحد الاحتفالات بهذا العيد ذكره طبيب بلجيكي كان يزور إحدى فصول الدمج بمدرسة دولية في القاهرة الجديدة، حيث قال: "فلنعتبر أن طفل متلازمة داون يشبه النحلة الطنّانة، التي يخبرنا الفيزيائيون أنها غير قادرة على الطيران، لأن جذعها ووزن جسمها يتسمان بوزن كبير وحجم ثقيل، بما لا يتناسب مع أجنحتها الصغيرة؛ لكن لحسن الحظ، لم يخبر أحد النحلة الطنّانة أنها لاتستطيع الطيران.. لذلك، هي تطير ونستمع إلى طنينها نتيجة جهدها المضاعف.

وقياسا على النحلة الطنّانة، ليس من السهل لأطفال متلازمة داون بذل الجهد البدني، ومع ذلك نجد الكثيرين منهم  أبطالا في عدة رياضات مثل ألعاب القوى والجمباز والسباحة حيث يتحدّون عضلات أرجلهم الضعيفة نسبيا؛ كما أنهم يزدهرون في الأنشطة المدرسية، يمثلون في المسرحيات ويحسنون العروض الاستعراضية والأعمال الفنية اليدوية. ورغم تحقيقهم لتلك البطولات والنجاحات التي يتحدون بها العالم، لكن أكثرما يتوقون إليه هو ببساطة الترحيب والقبول؛ أن يكون لديهم أصدقاء وأقران وأن يتم دمجهم مع زملائهم من نفس سنهم. غير أن عدد المدارس التي تبادر بالدمج مازال محدودا. لذلك، تظل أكبر مشكلة يواجهها الآباء هي ندرة فصول الاندماج في المدارس، رغم صدور قرار بذلك من وزارة التربية والتعليم رقم 42، لسنة 2015. ويتجه المجتمع تدريجيا بفضل جهود الدولة على المستوى القانوني والتوعوي إلى دمج كامل للأشخاص المصابين بمتلازمة داون وغيرهم من أصحاب الهمم مع تصحيح الأفكار المسبقة الخاطئة. 

ويطمح أولياء أطفال داون سيندروم أن يعي المجتمع أن أبناءهم "مختلفين" مثل الجوارب غير المتطابقة لا غير، وأن تضاعف الدولة من جهودها، جنبا إلى جنب مع المجتمع المدني، لتحسين فرص أبنائهم في الوصول إلى التعليم والشغل والخدمات الصحية في شتى مناطق الجمهورية.

[email protected]  

تابع موقع تحيا مصر علي