عاجل
الأربعاء 08 مايو 2024 الموافق 29 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

ألفة السلامي تكتب: الحرب ضد شيرين .. بلا قلب!

الكاتبة ألفة السلامي
الكاتبة ألفة السلامي

نعم تلك هي الحرب التي تدور رحاها على شيرين قاسية، وعاقبتها مدمّرة. وقعت شيرين ضحية المخدرات بعد أن أوقعها عدة أطراف وهم أقرب الناس إليها..وجميعهم طامعون فيها وأكثرهم شراً وفتكا بها هو من أغرقها في لعبة الإدمان حتى تظل شيرين مغيبة ولا تفيق من إدمانها، وبالتالي تظل تدفع ثمناً للسموم التي يستهلكها، يعني باختصار شيرين "تصرف على مزاجه". وهكذا هو الحال دائماً عندما يكون في دائرة المقرّبين صديق أوحبيب يدمن المخدرات ويرسم ‏تمثيلية الحب مثلما رسمها حسام "عشان يجيب رجلها" للمخدرات- كما يقال- حتى يدير عقلها ‏ويسيطر على تصرفاتها والأهم يسحب فلوسها! 

ألفة السلامى.. شيرين عبدالوهاب مندفعة بلا شعور

الحقيقة تؤكد أن من يتعاطى ويدمن المخدرات ‏لم تعدْ مشاعرُه بريئة ولا يفكّرُ إلا في كيفية تدبير أموال للإنفاق على هذه السموم.‏

العلاقات السامة هي الوصف الأقرب لحالة شيرين مع حسام حبيب وربما آخرين أيضاً. تبدأ العلامات عندما يشعرك الآخر بأن كل ما تفعله لا يكفي، وهذا ما نسميه في علم النفس العلامة الحمراء.

 وتؤثر العلاقات السامة على صحة الأفراد مثلها مثل الأمراض والأوبئة وقد يستغرق الأمر شهوراً وسنواتٍ لكشف العلاقات السامة؛ ولكنْ عندما تخرج السمية عن السيطرة تظهر المشاكل. يصبح من الضروري حينئذ عدم التقدم في تلك العلاقة وإيقافها وإلا ستكون ضحية للأنانية وسوف تتعرض للأذى خلال وقت قصير. 

لم تقف شيرين عند العلامة الحمراء، أو ربما حاولت الوقوف وإنهاء هذه العلاقة السامة ولكنّها تراجعت جزئياً، وعلم النفس يقول إنها مندفعة لاشعوريا نحو إرضاء الطرف الآخر لأنها مازالت تحت نيران الضغط النفسي المسلط عليها وهو ضغط مستمرٌّ  يعرفُ من أين يفترسها حيث يبحث عن نقط ضعفها ليتحكم فيها وفي قراراتها. ورغم تعرضها للأذى فهي لا تستطيع أن تفلت من براثنه وعندما تلتقط تلك الإشارة الحمراء عن ضرورة التوقف والابتعاد عن العلاقة السامة ينتبه الطرف الآخر ويعود بقوة ليركعها وتصبح فريسة سهلة المنال كما فعل حسام بالضبط هذه المرة من خلال إدخالها في دائرة الإدمان. 

ألفة السلامى .. شيرين ليست الوحيدة التى عانت من العلاقات السامة

شيرين ليست وحيدة أو متفردة في معاناتها من العلاقات السامة، فهناك فنانون عانوا نفس المشكلات. وقد يتساءل البعض لماذا الفنانون تحديداً هم من تختلُّ أقدامهم وتنزلق في قاع بئر الإدمان. والإجابة هي أن شيرين كأي فنان صاحب موهبة حقيقية وصوت "يجنن" تتميز بالإحساس المرهف وتركيبتها معجونة بالطيبة والمشاعر الدافئة مع شخصية عفوية بلا حدود تصل إلى القلب وتتربع فيه بسهولة بفضل سحر وإلهام رباني. ربما هناك آخرون يعانون أيضاً نفس الأزمة وليسوا فنانين لكنْ الأنظارَ بعيدة عنهم فلا تلتقط قصصهم الدرامية ومآسيهم. ونتساءل ما الذي يدفع شخصا ناجحاً ومحبوباً وصاحب حضور طاغٍ كروبن ويليامز على سبيل المثال للهرب دائما من الحياة، أو قل من إدراك الحياة، عن طريق جرعات ضخمة من الخمور أو المخدرات؟! هل كان لطبيعة عمله كممثل ومؤدٍّ كوميدي دور في هذا الإدمان ؟ وما الذي يدفع فنانة شهيرة مثل ويتني هيوستن موهوبة تتمتع بشعبية فائقة ومحبة من جماهير عريضة أن تقدمَ على الانتحار؟ في الليلة التي توفيت فيها ويتني هيوستن في غرفتها في فندق بيفرلي هيلتون، كانت تتهيأ لحضور الحفل السنوي لمعلّمها وصانع أجمل أغنياتها كلايف ديفيس. كانت هيوستن، البالغة من العمر 48 عاماً، تستعّد للحفلة عندما غرقت في حوض الاستحمام، حيث أعدت الماء شديد الحرارة لدرجة أنها عانت من حروق بسبب ذلك وتم الكشف عن وجود كميات كبيرة استهلكتها من مخدر الكوكايين، واستمرت الحفلة دون أن تظهر، رغم أن جثتها لم تكن قد رُفعت من الحوض!

أمثلة كثيرة منتشرة هنا وهناك سقطت في مستنقع الإدمان.. إدمان الكحول أو المخدرات أو الأدوية وكانوا ضحايا لعلاقات سامة قادتهم لنهايات مرعبة!

أعود إلى قصة معاناة المطربة شيرين عبد الوهاب (43 عاماً)، التي تتألّم حالياً وتعيش أوقاتاً عصيبة: لاشك أن شيرين بحاجة إلى المساعدة والدعم وأتمنى أن نتعامل معها على قدر حبنا لها بالرحمة والتسامح والإنسانية كي نساعدها في استعادة توازنها. أعرفُ أن الناس في بلدي لا يتعاطفون مع المدمنين ولكنه مرض يستدعي العلاج؛ وأول خطواته الابتعاد عن تلك العلاقات السامة. قد يستغرق الأمر بعض الوقت، لكن شيرين إذا أرادت، ستهزم هذه الحرب-حربها الداخلية لضبط نفسها وحربها الخارجية لإبعاد أعدائها- وتستعيد قلبها الجميل المليء بالحب والفن والإبداع وتستطيع بذلك أن تسعد فتسعد جمهورها. 

يجب أن نعيد خلق أنفسنا عندما نقع حتى نعود وننهض، وإن لم نفعل ذلك، فالقطار سيتابع مساره والحفلة لن تنتظرنا كما لم تنتظر ويتني هيوستن. ستستمرّ الحفلة أو الحياة من دوننا! 

تابع موقع تحيا مصر علي