عاجل
الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

رسالة الإمام لمشايخ الأزهر: من أراد زيارة النبي فليذهب إلى ضريح الشافعي يوم الجمعة

قبة وضريح الإمام
قبة وضريح الإمام الشافعي

بين الإمام محمد بن إدريس الشافعي - رضى الله عنه -، وبين مشايخ وطلاب الأزهر الشريف، ارتباط وثيق، وسرٌ خفي، ومحبة دائمة وباقية لا يعكر صفوها أي شيء؛ فأما الارتباط فنابعٌ من أن الشافعي إمام مذهب يُدرس في أروقة الأزهر، وأما المحبة الدائمة والباقية فمنبعها ذاك السر الخفي الذي جعل المشايخ يصطحبون طلابهم ويذهبون إلى زيارة ضريح الإمام الشافعي بمنطقة الخليفة في القاهرة كل يوم جمعة من قبل صلاة العصر وحتى المغرب، ومنهم من يجلس هناك إلى ما بعد صلاة الفجر.

الجامع الأزهر قديما

حكاية رؤيا الشيخ أحمد الدردير لـ النبي

وحول ذاك السر الخفي الذي جعل مشايخ وطلاب الأزهر يحرصون على زيارة ضريح الإمام الشافعي كل يوم جمعة؛ يقول الدكتور فتحي عبد الرحمن حجازي، الأستاذ المتفرغ بقسم البلاغة والنقد بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر بالقاهرة: إن علماء الأزهر في القرن الثالث عشر الهجري كانوا يختلفون في حديث النبي صلى الله عليه وسلم هل هو صحيح أم منكرٌ أم ضعيف... وهكذا، وكان من بين هؤلاء العلماء الولي الصالح الإمام أحمد الدردير - رضى الله عنه – شيخ المالكية في وقته، والمتوفى عام 1201 هجريا.

وكان الإمام الدردير، يرى النبي صلى الله عليه وسلم في كل ليلة، ولم يكن يُعلم بهذا أحدًا، واعتاد أن يأخذ الحديث - المُختلف فيه - برمته، وحين يلتقي برسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام يقول لحضرته: يا رسول الله اختلفنا في الأزهر في الحديث الذي نصه كذا؛ فيصحح النبي صلى الله عليه وسلم له النص، أو يُقره إن كان على ما نطقه صلى الله عليه وسلم، وفي اليوم التالي وأثناء الموعد المحدد لاجتماع مشايخ الأزهر لمناقشة علم الحديث يقول لهم الشيخ الدردير إن الحديث الذي اختلفنا فيه بالأمس صحته كذا وكذا، أو هو صحيح.

ضريح الإمام أحمد الدردير

الشيخ العدوي وتلميذه الإمام الدردير

ويضيف الدكتور فتحي حجازي: «وتمر الأيام والإمام الدردير يصحح الأحاديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم دون أن يعرف بسره أي إنسان؛ حتى أراد الله عز وجل أن يُذيع هذا السر، فعرف واحد من أصحاب الدردير بالسر، فأعلم الشيخ علي الصعيدي العدوي بما كُشف له، قائلًا: إن أحمد الدردير يصحح الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم».

فما كان من الشيخ العدوي (والذي كان شيخًا لسيدي أحمد الدردير)؛ إلا أن اجتمع بالدردير على إنفراد، وسأله: يا أحمد، أترى النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. فقال له العدوي: إذا رأيت حضرته فسلم عليه، وقل له - صلوات ربي وتسليماته عليه -: ما حال العدوي عندك يا سيدي يا رسول الله؟

وفي نفس الليلة رأى الإمام الدردير رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأله عن شيخه العدوي؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : هو رجلٌ صالح، إلا أن به جفوة (يعني: لا يزور النبي)؛ فنقل الدردير هذا الكلام لشيخه العدوي الذي تأثر بما نُقل له وبكى كثيرًا، وقال: يعاتبني رسول الله صلى الله عليه وسلم على تقصيري في زيارته، وقد تقدمت بي السن، ولا أستطيع تحمل مشقة السفر إلى المدينة المنورة؛ فإذا رأيت حضرته مرة أخرى يا أحمد فأخبره بذلك.

قبة وضريح الإمام الشافعي

النبي عند الإمام الشافعي بعد عصر الجمعة

وتابع أستاذ البلاغة والنقد بجامعة الأزهر: «أن الشيخ الدردير، نقل كلام شيخه العدوي لسيدنا رسول الله؛ فقال له صلى الله عليه وسلم: يا أحمد، قل للعدوي أنا لا أريده في المدينة، وإنما يأتيني تحت قبة الإمام الشافعي بعد عصر يوم الجمعة؛ فأنا هناك في كل جمعة من بعد صلاة العصر إلى الفجر».

وفي اليوم التالي نقل الإمام الدردير لشيخه العدوي، رسالة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فما كان من الشيخ العدوي إلا أن ذهب إلى علماء وطلاب الأزهر، وأخبرهم ببشرى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهاج الناس في الأزهر، وقالوا: الرسول يأتينا تحت قبة الإمام الشافعي ونحن لا نذهب إليه هذه إساءة أدب؟!

وبمجرد أن علم مشايخ والطلاب بهذه البشرى، وفي الجمعة التالية - بعد انتهاء الخطبة والصلاة - خرج الناس من الجامع الأزهر يسيرون على أقدامهم حتى وصلوا قبل العصر إلى قبة الإمام الشافعي - رضى الله عنه - فازدحموا هناك؛ فكانوا يزورون ويخرجون أفواجًا متتالية من بعد العصر وحتى المغرب.

ودام هذا الأمر 30 عامًا، حتى مات أكثر علماء وطلاب الأزهر الذين عرفوا بهذا السر، ثم بدأ الخبر يستتر؛ فصار أهل العلم - فقط - يزورون الإمام الشافعي كل يوم جمعة من بعد صلاة العصر لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هناك، وهذا مستمر إلى يوم القيامة.

رواية الشيخ صالح الجعفري

وأكد الدكتور فتحي عبد الرحمن حجازي، الأستاذ المتفرغ بقسم البلاغة والنقد بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر بالقاهرة، أن شيخه إمام الجامع الأزهر الراحل الشيخ صالح الجعفري - رضى الله عنه -، هو الذي روى تفاصيل هذه الواقعة أمام جمع من الناس في أحد دروس العلم التي كان يُلقيها في الأزهر الشريف، وكانت هذه رسالة الإمام لمشايخ وطلاب الأزهر الشريف.

مسلسل رسالة الإمام

وفي سياق آخر، أثيرت حالة من الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مصر وعدد من الدول العربية عقب عرض مسلسل رسالة الإمام، المذاع يوميا في رمضان 2023، ويقوم ببطولته الفنان خالد النبوي؛ حيث يتناول هذا المسلسل التاريخي السنوات الأخيرة من حياة الإمام محمد بن إدريس الشافعي والتي قضاها في مصر.

تابع موقع تحيا مصر علي