عاجل
الثلاثاء 30 أبريل 2024 الموافق 21 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

علي جمعة: الحملة الفرنسية كانت تقتل كل يوم 5 من علماء الأزهر

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة - عضو هيئة كبار علماء الأزهر

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب: إن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ترك لنا دين الله نراقب فيه أنفسنا ونتوب إلى الله سبحانه وتعالى بعد عصياننا: «كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» وجعل النقد الذاتى مفتاحاً للخير بل وأصلاً من أصول الدين فقال: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ».

النصيحة والتوبة من دين الله

وأوضح مفتي الجهورية السابق، أن الدين لا يكون فى حياة المسلمين ولا تعز هذه الأمة إلا بالنصيحة، والنصيحة والتوبة من دين الله نحاول فيها أن نغير أنفسنا من الخطيئة إلى الحق، ومن الخطأ إلى الصواب، ومن التقصير إلى الهمة.

ومن أجل أن «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»؛ رأينا علماء المسلمين على مر العصور يتناصحون ويراجعون أمتهم وأنفسهم، رأينا فى القرن الخامس الهجرى حجة الإسلام الإمام الغزالى رحمة الله بعد أن رأى همة الناس قد فترت، يألف كتابه الماتع الذى بقى حتى الآن يدرس بين المسلمين (إحياء علوم الدين).

وسمى الكتاب بإحياء علوم الدين، لأنه ينصح للأمة أن تعود إلى ربها، وإلى نيتها الصالحة فى درسها والى أخلاقها القويمة التى تركها لها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وينبه الناس بعد أن إشتغلوا بالرسوم والشعائر دون الخشوع فى الصلاة ، ودون إدراك أسرار العبادات، إلى هذا المعنى إلى العودة وإلى تخلية القلب من القبيح وإلى تحليته بالصحيح ، كان واجب وقته رضى الله تعالى عنه أن ينبه المسلمين إلى هذا.

العودة إلى اللغة العربية

وأشار عضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إلى أنه بعد ذلك وفى القرن الثانى عشر قام جماعة من المفكرين يراجعون أنفسهم كان منهم عبدالقادر البغدادى، والذي رأى أنه لابد أن نعود إلى اللغة العربية التى كادت تهجر، ولابد علينا من أن نعود إليها حتى يستقيم فكرنا وحتى نسير على الفكر المستقيم وحتى نفهم مراد ربنا سبحانه وتعالى من كتابه، فألف كتبه كلها فى هذا المعنى، وألف كتابه الماتع الجامع (خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب).

قام عبدالقادر رحمة الله تعالى فى هذه الديار وفى غيرها بإنشاء مدرسة تعيد إلى العربية رونقها، وتعيد إلى العربية جانبها الفكرى، وتعيد إلى العربية أصولها التى أندثرت أو كادت، قام عبد القادر بمدرسة تربى عليها فيما بعد المرتضى الزبيدي، فألف كتابه الماتع فى شرح القاموس المحيط (تاج العروس فى شرح كلمات القاموس) حتى يحيى اللغة فى قلوب الناس.

وألف الكتاب الثانى (إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين) للغزالى ، يشير بذلك إلى أنه يتبنى النهضة من طريقين، من طريق عودة المسلمين إلى اللغة العربية التى بها فهم الكتاب والسنة وبها التفكير المستقيم، وأن يعودوا إلى طريق الله سبحانه وتعالى وإلى التربية.

الحملة الفرنسية.. وعلماء الأزهر

وتابع رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب: لابد علينا من أن نراجع أنفسنا فى هذا العالم، ويجب علينا أن نعود سريعاً إلى حصوننا؛ فحصوننا مهددة من داخلها إذا لم نرجع إلى اللغة العربية من ناحية، وإلى التربية الإحسانية من ناحية أخرى، يجب أن نعود إلى مشروع النهضة الذى بدأه عبدالقادر البغدادى منذ ثلاثمائة عام ولم يتم، أتدرون لما لم يتم؟

لقد جاءت الحملة الفرنسية الغاشمة لتقتل كل يوم خمسة من علماء الأزهر الشريف من تلامذة المرتضى الزبيدى ومن تلامذة مدرسة عبدالقادر البغدادى، على مر سنة قضاها نابليون فلما أنهاهم جسدياً ذهب وولى وذهب إلى بلاده ليرى شأنه، هذا هو الذى حدث فى تلك الديار وهو الذى يحدث الآن بصور مختلفة تتناسب مع العصر الذى نعيش فيه.

وأكد مفتي الجمهورية السابق، أنه يجب علينا أن نهتم باللغة العربية، وإهتمامنا باللغة العربية يجب أن يكون فى بيوتنا قبل أن يكون فى مدارسنا، فإن لم تحظى اللغة العربية بالمدارس مكانتها المرجوه فعلينا أن نعلم أبناءنا هذه اللغة، نحواً وصرفاً ودلالات الألفاظ وسياقاتها وصياغاتها، نعلمهم نثرها وشعرها، ونحيى الكتب التى ألفت فى ذلك تمهيداً لتعليمها إلى الأولاد مع القرآن الكريم.

يقول الله تعالى: «وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ»، نعم أنظر لو ناداك أحدهم من مكان بعيد؛ فإنك لا تكون متأكداً وعلى يقين أن النداء يخصك، وتكون متشككاً هل سمعت أو لم تسمع فأنت فى تيه، فلو خرجت عن العربية وصلت إلى ذلك التيه.

اللغة العربية هى بداية الحماية وهى بداية الحصن الحصين وهى بداية صد الهجمة من المعتدين، والسلوك فى طريق الله هو الذى يجعلنا فى محل نظر الله سبحانه وتعالى، وهو الذى يجعلنا فى مآثر السلف الصالحين، ويجعلنا نتعلم السباحة فى هذا الفيضان الذى يحيط بنا فى كل مكان.

تابع موقع تحيا مصر علي