عاجل
الأحد 15 ديسمبر 2024 الموافق 14 جمادى الثانية 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

الضاحية الجنوبية: تاريخ من القصف الإسرائيلي ومقاومة لا تنكسر

الضاحية الجنوبية:
الضاحية الجنوبية: تاريخ من القصف الإسرائيلي

شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت، أمس الجمعة، سلسلة من الانفجارات الهائلة التي هزّت العاصمة اللبنانية بالكامل، بعد قصف إسرائيلي استهدف أحد مقرات حزب الله. هذه المنطقة الحيوية، التي لطالما كانت هدفًا رئيسيًا للهجمات العسكرية الإسرائيلية، تحتل مكانة خاصة في المشهد السياسي والعسكري اللبناني. فمنذ سنوات طويلة، أصبحت الضاحية رمزًا للمقاومة اللبنانية وصمودها في وجه العداء الإسرائيلي، ومركزًا لنفوذ حزب الله الذي يلعب دورًا محوريًا في السياسة اللبنانية والإقليمية.

الضاحية الجنوبية: المعقل الاستراتيجي لحزب الله

الضاحية الجنوبية، التي تضم أحياء مكتظة بالسكان، تقع جنوب العاصمة بيروت وتمثل معقلًا رئيسيًا لحزب الله، الحركة السياسية والعسكرية الأبرز في لبنان. هذه المنطقة، التي يسكنها بشكل رئيسي الطائفة الشيعية، تعد مركزًا حيويًا لنفوذ الحزب، حيث تتواجد فيها مقراته القيادية ومراكز القيادة العسكرية واللوجستية. يُنظر إلى الضاحية على أنها القلب النابض لحزب الله، الأمر الذي يجعلها هدفًا دائمًا في المواجهات العسكرية مع إسرائيل.

الضاحية ليست مجرد منطقة سكنية عادية؛ فهي مركز إدارة لشبكة معقدة من المؤسسات التي يديرها الحزب، والتي تشمل مدارس ومستشفيات ومراكز إغاثة، ما يعزز مكانتها الاجتماعية والسياسية في لبنان. لكن في الوقت ذاته، هذا الدور الكبير يجعلها هدفًا متكررًا للضربات الجوية الإسرائيلية، والتي ترى فيها إسرائيل تهديدًا مباشرًا لأمنها.

التاريخ الدموي: سنوات من الاستهداف الإسرائيلي المكثف

لم يكن القصف الذي تعرضت له الضاحية الجنوبية مؤخرًا هو الأول من نوعه؛ فالمنطقة شهدت على مدار عقود من الزمن موجات متتالية من الهجمات الإسرائيلية. كان أبرز هذه الهجمات خلال حرب يوليو 2006، عندما تعرضت الضاحية لتدمير واسع النطاق جراء حملة عسكرية إسرائيلية استهدفت بشكل ممنهج البنية التحتية لحزب الله، بما في ذلك المراكز القيادية والمباني السكنية.
 

هذه الهجمات خلفت دمارًا هائلًا، وأدت إلى نزوح الآلاف من السكان وتدمير جزء كبير من الأحياء السكنية، لكن حزب الله استطاع إعادة بناء المنطقة في فترة زمنية قصيرة، ليعيد ترسيخ سيطرته ويؤكد على دوره كقوة سياسية وعسكرية فاعلة في لبنان. هذه الحروب والاغتيالات التي طالت بعض قيادات الحزب جعلت من الضاحية الجنوبية رمزًا للمقاومة في عيون أنصاره.

الضاحية الجنوبية كمجتمع متكامل: مقاومة وصمود

الضاحية ليست فقط مركزًا عسكريًا لحزب الله، بل هي أيضًا مجتمع متكامل يشكل جزءًا من الهوية السياسية والدينية للطائفة الشيعية في لبنان. الحزب يعمل على تقديم خدمات اجتماعية واسعة النطاق، من خلال مؤسسات تعليمية وصحية وخيرية تستهدف تحسين حياة السكان المحليين. وبذلك أصبحت الضاحية مركزًا للأنشطة المجتمعية، حيث يلعب حزب الله دور الدولة الموازية في تقديم الخدمات والاحتياجات الأساسية.

بفضل هذه البنية القوية، استطاعت الضاحية أن تحافظ على صمودها في وجه الهجمات المتكررة، لتظل منطقة مهمة في معادلة القوة داخل لبنان، ولتعكس التحدي الذي يواجهه حزب الله وإصراره على البقاء كقوة فاعلة في وجه الضغوط الإسرائيلية والدولية.

أسباب الاستهداف المتواصل: بين الجغرافيا والسياسة

إن الموقع الاستراتيجي للضاحية الجنوبية يجعلها نقطة جذب للاستهدافات العسكرية الإسرائيلية. فهي تقع بالقرب من العاصمة بيروت، وتشكل قاعدة عمليات للحزب، بما في ذلك مقرات القيادة والمستودعات العسكرية. إسرائيل تنظر إلى الضاحية كقاعدة لوجستية وعسكرية خطيرة لحزب الله، خصوصًا في ظل تورط الحزب في صراعات إقليمية ودوره في تهريب الأسلحة وتدريب المقاتلين.

إلى جانب الأهمية العسكرية، تعد الضاحية رمزًا للمقاومة اللبنانية، ما يجعل ضربها جزءًا من استراتيجية إسرائيل في إضعاف حزب الله على المدى الطويل. الهجمات الإسرائيلية تهدف إلى تقويض قدرة الحزب على الردع وتهديد أمن إسرائيل، عبر استهداف مراكزه الحيوية وإحداث أكبر ضرر ممكن في بنيته التحتية.

تابع موقع تحيا مصر علي