عاجل
الخميس 12 ديسمبر 2024 الموافق 11 جمادى الثانية 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

عظمة الجيش و مراهقة المليشيات

بعد ٥١ عام من انتصار اكتوبر المجيد و بعد ما حققه الجيش المصري  من انتصارات بنيت علي تضحيات وفداء و دماء سبقه تخطيط و صمود تشارك فيه الشعب و قيادته السياسية ، نصر تدرس عبقريته في الأكاديميات والكليات العسكرية حتي الان ، لانه لم يتبعه نصر يماثله رغم كم الصراعات و النزاعات و الحروب إلا أن نصر أكتوبر بعبقريته ظل معجزة حربية  فريدة التي يتوج بها الشعب و الجيش المصري ضمن معجزاته علي مدار تاريخه .

و علي الرغم من هذا الا أن هناك من ظل سنوات طوال يدس في أذهان الناس بأن الجيوش لم تعد ملائمة للدفاع عن الأوطان و ان بعض المليشيات التي تم زرعها داخل البلاد هي الحل للمقاومة بل ورفعوا تلك المليشيات كرموز و زعامات قادرة علي تحرير الأوطان من المحتل البغيض الذي ينتهك جرائم الحرب يوميا .
و نحن نعيش هذه الايام و نري الحروب التي تجري في كل شبر يحيط بنا و نري الخراب و الشهداء من النساء و الأطفال
فيجب علينا أن نفرق ما من يدافع عن الأوطان بحق و من أوهموا الناس بأنهم يدافعون عنهم و يدغدغون قلوبهم ومشاعرهم بشعارات رنانة ذات بعد عقائدي او ديني رافعين السلاح معاهدين البعض علي قدرتهم علي التحرير مشككين الناس في جيوشهم نعم انهم المليشيات .
لذا وجب علينا أن نفرق ما بين المليشيا والجيش كي نعلم حقيقة ما نراه في نشرات الاخبار و نعلم السبب و إذا علم السبب علمت النتيجة .
عرفت الدولة بأنها إقليم يقيم عليها شعب و هناك سلطة تحكم هذا الشعب و ان لتلك الدولة و سلطتها أن تنشئ جيش للدفاع عنها و عن مصالح شعبها و اقليمها و أنه الوحيد المفوض لحمل السلاح للدفاع .
و لكن مع مرور الأحداث و النزاعات و نشوء حالة من حالات الضعف و الهوان في بعض البلدان المستهدفة تجري الاحداث بان بعض الخارجين عن تلك الدولة او الطامعين في الحكم باستخدام شعارات قبلية او عرقية او حتي شعارات الديمقراطية ومكافحة الفساد او التحرير و مستخدمين للوازع الديني بانشاء جيوش خاص بهم تسمى مليشيا .
فهم في نشأتهم اصلا خروج عن القانون و حمل السلاح بدون تصريح و يحمله ضد جيش هذه الدول و في مواجهة شعوبهم حتي يرضخوا أطماعهم او يرضخوا لقوة سلاحهم و يصبحوا قوه معترف بها أو يظنوا انهم معترف بهم .
يحملوا السلاح ضد مواطنيها من أجل شعاراتهم الخاصة يعبثون بالقانون و يعطلون من اجل وجودهم و حتي يظهروا بمظهر المدافع عن الاوطان يعملون علي إضعاف الجيوش حتي يعلنوا انهم مقاتلين ضد الاحتلال وهو ما شهدناه في كل المليشيات الموجودة في جميع الدول بالعالم حتي بعالمنا العربي جميعهم بلا استثناء ، خرقوا القانون و انتهكوا و اضعفوا جيشهم و اضعفوا مؤسسات بلدهم من أجل وجودهم ومصالحهم الخاصة .
الا أن الجيوش علي عكس من ذلك فالجيش هو الضامن لبقاء الدول واستقرارها وضمان حماية المواطنين و الاقليم من اي اعتداء الجيش هي القوي النظامية القادرة علي حماية المؤسسات وتنفيذ القانون والشرعية للجيش ينطلق عمله من منطق قوة الحق
أما المليشيات فينطلق عملها من منطق حق القوة.
و في خضم هذه المقارنة الغير عادلة لان الجيوش لا تقارن ابدا بتلك المليشيات .
و لكن ما نراه حولنا من جرائم الحرب الإسرائيلية ومحاولة جرجرة المنطقة إلي حرب إقليمية شاملة و في ظل تدخل إيراني للحرب علي الأراضي العربية بجنود المليشيات العربية الجنسية الايرانية التبعية  و الانتماء و المذهب الخميني الذي قال في 15 أكتوبر عام 1981 «لقد اقتربنا من الصفر في دعايتنا في الخارج. يجب أن نقوم بزيارات غير رسمية إلى جانب الزيارات الأخرى الرسمية. إذا أردنا تصدير هذه الثورة، يجب أن نفعل شيئًا حقيقيًا حتى يتمكن الناس من السيطرة على الحكومة بأيديهم، إلى أن يصل أفراد الطبقة الثالثة المزعومة إلى السلطة».
في ظل الهيمنة الإيرانية علي المليشيات و استخدام الدعاية السلبية ضد الجيوش العربية لجذبهم إلي حرب إقليمية و في ظل عام مضي علي الحرب الاسرائيلية علي غزه وجرائم الحرب الغير قابلة للإحصاء .
علينا ان نراجع نتيجه افعال المليشيات التابعه لإيران خلال العام الماضي و نتائجها و ذلك ليس من منطلق او منطق اخلاء مسئولية الهمجية والدموية الإسرائيلية وبشاعة جرائمهم .
و لكن لتقييم الوضع و استطلاع مدى اهمية اتخاذ قرار  الحرب والاستعداد إليه ودراسة نتائجه كما تفعله الجيوش الناضجة الراسخة ، و ليس كما تتخذه المليشيات المسلحة بمراهقة حمل السلاح و عدم الاكتراث لنتائج هذه الهجمات و قراراتها دون عبئ لردود الفعل و الضحايا و الشهداء و كم التدمير الذي لم يتم حساباته .
اليوم وبعد مرور 51 عاما من انتصار اكتوبر و ما تبعه من مفاوضات السلام التي استعادت بموجبها مصر ارضها كاملة فكان هناك عامل و مصطلح جديد وضع في قاموس البشرية رددته مصر مرارا و تكرارا (( السلام يحتاج الي قوة تحميه)) .
فما بين استقرار و علم الجيوش لحماية الاقليم و الشعب و مصالح الدولة و ما بين مراهقة حاملي السلاح من المليشيات و تبعية قرارهم لدولة أخري تستعملها لمصالحهم يقع مواطني هذه الأرض فمن يملك جيشه يملك استقراره ومن يتبع مليشيات فتابع ما حدث هنا و هناك .

تابع موقع تحيا مصر علي