أحمد ماهر يكتب لـ تحيا مصر: عن ذكرى 25 يناير، والحلم الأكبر نحو الحرية والديمقراطية
في ذلك الوقت من كل عام يبدأ أولاد ثورة يناير في تهنئة بعضهم البعض كأنه العيد، ولم لا؟ إنه العيد الذي يذكرنا بالحلم الجميل الذي تعايشنا معه في ٢٠١١، عندما تطلعت شعوبنا للحرية والكرامة، بعد سنوات طويلة من القمع والفساد والمحسوبية، إنه ذلك الحنين الذي يصيبنا في ذلك الوقت من كل عام، بمشاعر الفخر المخلوطة بالشجن والحزن، وبالرغم من كل الإخفاقات والهزائم ولكن الذكرى في حد ذاتها انتصار، ولا يزال قطاع ضخم مؤمن بقيم يناير وطهارة النوايا رغم كل ما قيل عنها.
في تلك الايام من كل عام يمتلئ الواقع الافتراضي ووسائل التواصل الاجتماعي بكتابات التهنئة والذكريات الجميلة التي يتبادلها البعض، ربما هذا هو المكسب الموجود حتى اليوم، يتذكرون أبرز الاحداث والمحطات ويتذكرون الحلم الجميل، والمطالب لم تكن مستحيلة، إنها بمثابة الحقوق الطبيعية في أي دولة متقدمة
أتقابل أحيانا مع العديد من الشباب الصغار الذين يحاولون الاستفسار عما حدث في 2011 ، لا يصدقون ما يقال من أساطير مشوهة عن الثورة التي سمعوا عنها من بعيد وأسبابها، ينتابني وقتها شعور جميل، هؤلاء الشباب كانوا أطفالا لا تتجاوز أعمارهم الخمسة أعوام وقت قيام الثورة، كيف يعرفون ما حدث؟ لم يكونوا من المشاركين وقتها، وكثير منهم لا يوجد من ذويهم ناشط سابق، ولكن بعضهم سمع وشاهد كل تلك الحملات الإعلامية التي تقوم بشيطنة ثورة يناير المجيدة وتلصق بها كل الشرور والآثام والكوارث، فبدأ بعضهم في البحث عن الحقيقة فتكشف له زيف الادعاءات وازداد احترامهم للثورة وفاعليها.
بعد تنحي مبارك غرقنا في تفاصيل لم تكن في الحسبان، اتفقنا على رفض مبارك ومنظومة حكمه لكن لم نتفق على ما الذي يجب أن يكون بعد رحيله، ومن المؤسف أنه لم يتم حسم الكثير من تلك النقاط الجوهرية ، ولم تظهر حتى اليوم مجهودات نظرية متكاملة ربما بذلنا مجهودًا كبيرا في تحليل وتفسير ومواجهة الماضي، ولكن لم يكن هناك تصور واضح (توافقي) حول المستقبل.
اختلاف وجهات النظر طبيعي، وتعدد الأفكار والايديولوجيات والانتماءات في أي مجتمع هو أمر صحي ومحمود، حتى القضايا الحساسة أيضا من الطبيعي ان يثار خلاف حولها ويكون هناك مع او ضد، لكن المشكلة تكمن في طبيعة الخلاف او طريقة إدارة الخلاف، فكم هذا العنف والتخوين والتطاول على الآخر يوضح أنه لا يزال الكثير حتى نتعلم كيفية ادارة الاختلاف واحترام الآخر.
هل تعلم الجميع من الاخطاء التي أدت لتراجع الموجة الإصلاحية التي بدأت في يناير؟ وهل أدركت قوى الإسلام السياسي أنه من المستحيل فرض نموذجهم بالقوة أو الترهيب؟ أو أنه لا يمكن حكم دولة متعددة الثقافات والجذور مثل مصر بموذج واحد طبقا لتفسيرات متشددة للدين، هل حدثت مراجعات ودراسة لأخطاء التطبيق وأيضا أخطاء النظرية؟
وفي المقابل هل تستطيع القوى السياسية الأخرى أن تتحاور أو تسمع بعضها البعض؟ أو تصيغ برنامج اصلاحي شامل تقنع به الجماهير؟
وفي نهاية الأمر لا يمكن تجاهل أن ما حدث في 2011 كان انتفاضة شعبية قوية ومزلزلة غيرت الكثير من الأوضاع في المنطقة، وكان حدوثها حتمى بعد طول سنوات الظلام والاستبداد، وكشفت الثورات العربية العديد من الثغرات والمشكلات العميقة في مجتمعاتنا، وأيضا هشاشة الأنظمة المستبدة ودولة الفرد، وقد كانت الثورات العربية فرصة لبناء نظام عربي جديد يقوم على المصالح الحقيقية للشعوب العربية والتعاون والتكامل فيما بينها، فتحية لكل من شارك في ذلك الحلم وحاول التغيير، وتحية لشهداء الثورة المصرية والثورات العربية وكل الأبطال، وكل من كان يحلم بالتغيير نحو الحرية والديمقراطية والحكم الرشيد.
تطبيق نبض