عاجل
الجمعة 05 ديسمبر 2025 الموافق 14 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
عمرو الديب

من 51 إلى 48.75 جنيهًا.. الأسباب الخفية لتراجع الدولار وموعد انخفاض الأسعار

تحيا مصر

شهد سوق الصرف المصري تراجعاً ملحوظاً في سعر الدولار الأمريكي خلال الأسابيع الأخيرة، حيث انخفض من مستويات تفوق 51 جنيهاً في أبريل الماضي إلى حدود 48.75 جنيهاً للشراء في البنوك الكبرى بنهاية يوليو 2025. هذا التغير الذي بلغ نحو 36 قرشاً خلال ثلاثة أيام متتالية.

أسباب تراجع الدولار 

يعزو خبراء الاقتصاد هذا التحسن إلى تفاعل عدة عوامل داخلية وخارجية. فعلى الصعيد المحلي، ساهم تحسن تدفقات النقد الأجنبي من خلال ارتفاع إيرادات السياحة الأوروبية التي تمثل 60% من إجمالي القطاع السياحي، وتعزيز الصادرات المصرية بعد انخفاض الجنيه أمام اليورو بنسبة 11%، في دعم العملة المحلية. 

كما أسهم قرار البنك المركزي بتحرير سعر الصرف كلياً في مارس 2024 في استقرار السوق الرسمي بعد أن كان الدولار يتجاوز 70 جنيهاً في السوق الموازية. ويضاف إلى ذلك خفض أسعار الفائدة مرتين خلال عام 2025 بمجموع 100 نقطة أساس، مما قلل جاذبية الاستثمارات قصيرة الأجل التي كانت تضغط سابقاً على قيمة الجنيه.

التأثيرات العالمية

عالمياً، واجه الدولار الأمريكي ضغوطاً غير مسبوقة حيث سجل مؤشره أسوأ أداء منذ 1973 مع انخفاض بلغ 10.8% أمام سلة العملات الرئيسية. وتعزى هذه التطورات إلى السياسات الاقتصادية لإدارة ترامب التي شملت حروباً تجارية وتهديداً لاستقلالية الاحتياطي الفيدرالي، بالإضافة إلى مشروع القانون الضريبي "الضخم والجميل" الذي يهدد بزيادة الدين الفيدرالي الأمريكي بمقدار 3.3 تريليون دولار بحلول 2034، كما أضعفت ترجيحات خفض الفائدة الأمريكية مع سحب "موديز" للتصنيف الائتماني الأعلى للولايات المتحدة في مايو 2025 من ثقة المستثمرين في الأصول الدولارية.

الفجوة بين المؤشرات والأسواق

رغم هذا التحسن في مؤشرات الصرف، لم يلمس المواطن انخفاضاً ملموساً في أسعار السلع الأساسية. وقد حذر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي خلال اجتماع مع ممثلي الغرف التجارية من أن "أسعار السلع لا تتناسب مع التحسن الاقتصادي"، داعياً إلى تطبيق تخفيضات حقيقية. 

ويفسر الخبراء هذه الفجوة بعدة أسباب رئيسية منها دورة المخزون الحالي الذي تم استيراده عندما كان سعر الدولار عند 50 جنيهاً، مما يؤخر ظهور تأثير الانخفاض حتى تصريف هذه الكميات خلال الأشهر الأربعة المقبلة. 

ويشير وليد جاب الله من الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي إلى "الاستجابة غير المتوازنة" للسوق المصرية حيث ترتفع الأسعار بسرعة عند صعود الدولار ولكنها تتراجع ببطء شديد عند هبوطه، وهو ما يستدعي تدخلاً رقابياً أكثر فعالية لضمان العدالة للمستهلكين.

توقعات متباينة للمستقبل

تتباين تصورات الخبراء حول مسار الدولار خلال الفترة المقبلة، فبينما تتوقع "ستاندرد تشارترد" عودة السعر إلى 52 جنيهاً بنهاية 2025 و54 جنيهاً في 2026 بسبب الضغوط الهيكلية على الاقتصاد المصري، حيث يرى الخبير المصرفي محمد بدرة أن استقرار السعر في نطاق 45-50 جنيهاً يعد أمراً طبيعياً في سوق حر. بالمقابل، يتوقع هاني جنينة من "الأهلي فاروس" هبوطاً إضافياً إلى مستوى 47-48 جنيهاً مع استمرار تحسن التدفقات السياحية والاستثمارية.

التحديات القادمة

عالمياً، قد يستمر ضعف الدولار داعماً للاقتصادات النامية عبر تخفيف أعباء ديونها الدولارية وزيادة تنافسية صادراتها. لكن البنك المركزي المصري يواجه تحدياً في الموازنة بين خفض الفائدة لتحفيز النمو المحلي والحفاظ على جاذبية السندات الحكومية للمستثمرين الأجانب، خاصة بعد تحقيق بعضهم أرباحاً تصل إلى 2.5% من فروق الصرف خلال أشهر قليلة.

ورغم المؤشرات الإيجابية مثل انخفاض التضخم إلى 14.9% في يونيو 2025 وتدفق العملة الصعبة، يظل التحدي الأكبر هو ترجمة هذا التحسن إلى تحسين ملموس في معيشة المواطن، كما يلخص الخبير الاقتصادي محمد فؤاد: "أي تحسن لا تلمسه ظروف المعيشة يظل منقوصاً". لذلك فإن نجاح الحكومة في تطبيق مبادرات مثل "أوكازيون 4 أغسطس" وتعزيز آليات الرقابة وتنويع مصادر النقد الأجنبي سيكون محكاً حاسماً لاستمرار هذا الانتعاش واستقرار الجنيه خلال المرحلة المقبلة.

تابع موقع تحيا مصر علي