متلازمة غزة:. نتنياهو يدفع بـ40 ألف جندي إلى المتاهة رغم تحذيرات الجيش
وجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رسالة مصورة إلى الجيش الإسرائيلي في الخدمة النظامية والاحتياط، زعم فيها أن إسرائيل تخوض "حرباً عنيدة وعادلة بكل المقاييس" على حد تعبيره.
وشدد نتنياهو على أن أحداث السابع من أكتوبر ما زالت حاضرة في الذاكرة، وقال "لا ننسى ما ارتكب في حقنا في ذلك اليوم". وأضاف أن الهدف الرئيس يبقى هزيمة حركة "حماس"، معتبراً أن الجيش الإسرائيلي "حقق إنجازات كبيرة خلال المعارك، أبرزها كسر المحور الإيراني"، وتابع "ما بدأ في غزة يجب أن يحسم في غزة، نحن أمام المرحلة الحاسمة".
هذه التصريحات تأتي في إطار ما يُعرف في إسرائيل باسم "حرب السكاكين الحديدية" التي بدأت في 7 أكتوبر 2023 واستمرت حتى الآن، وهي واحدة من سلسلة الحروب التي خاضتها إسرائيل منذ تأسيسها.
توافد الجنود الاحتياطيين
بدأ عشرات الآلاف من جنود الاحتياط الإسرائيليين الالتحاق بالخدمة أمس الثلاثاء ، استعداداً للهجوم الجديد على مدينة غزة، الذي يريد نتنياهو تسريع وتيرته على رغم تحذير ضباط كبار.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن نحو 40 ألف جندي احتياط سيلتحقون بالخدمة، مع إعداد الجيش لوجستياً لاستيعابهم قبل الهجوم، فيما ووافق مجلس الوزراء الأمني برئاسة نتنياهو الشهر الماضي على خطة توسيع الحملة في قطاع غزة بهدف السيطرة على مدينة غزة، إذ خاضت القوات الإسرائيلية اشتباكات شرسة مع حركة "حماس" في المراحل الأولى من الحرب، مع ملاحظة أن إسرائيل تسيطر حالياً على نحو 75 في المئة من قطاع غزة.
خلافات داخل مجلس الوزراء الأمني
شهد اجتماع لمجلس الوزراء الأمني في وقت متأخر من يوم الأحد الماضي مشادات بين نتنياهو والوزراء الذين يريدون المضي قدماً في الهجوم على مدينة غزة، وبين رئيس أركان الجيش إيال زامير الذي يحث السياسيين على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
ونقل أربعة وزراء ومسؤولان عسكريان حضروا الاجتماع عن زامير القول إن الحملة ستعرض الرهائن للخطر، وتضع مزيداً من الضغط على الجيش المنهك بالفعل.
ويأتي ذلك بعد خلاف مماثل بين زامير وحكومة نتنياهو الشهر الماضي، حيث أكد نتنياهو في 20 أغسطس أنه أصدر تعليمات بتسريع الجدول الزمني للسيطرة على مدينة غزة، لكن الجيش حذر في اليوم التالي من تعريض الرهائن للخطر، وقال إنه لا يمكنه بدء الحملة قبل شهرين في الأقل.
تحديات لوجستية
السبب الرئيس لدى الجيش هو الحاجة إلى مزيد من الوقت للجهود الإنسانية، إلا أن استطلاعات رأي أظهرت أن نسبة كبيرة من جنود الاحتياط غير راضين عن خطط الحكومة، إذ اتخذ بعضهم خطوة غير اعتيادية باتهام الحكومة علناً بأنها تفتقر إلى استراتيجية متماسكة في شأن غزة أو خطة لما بعد الحرب في القطاع أو مقاييس واضحة للانتصار.
وقال أحد جنود الاحتياط الذين يخدمون في غزة منذ السابع من أكتوبر لـ"رويترز"، متحدثاً شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث علناً، "لا أشعر حقاً بأنني أقوم بشيء يضغط على (حماس) بدرجة تحملها على إطلاق سراح الرهائن".
رد عسكري وتصريحات متباينة
على رغم تشكيك زامير علناً في جدوى شن هجوم جديد، فقد أبلغ جنود احتياط في إحدى القواعد العسكرية بأن الجيش مستعد لتحقيق "نصر حاسم" ولن يوقف الحرب قبل ذلك، وقال "نستعد لاستمرار الحرب وسنزيد ضربات عمليتنا، ولهذا السبب اتصلنا بكم"، وأضاف "بدأنا بالفعل العملية البرية في غزة، لا شك في ذلك، ندخل بالفعل أماكن لم ندخلها من قبل"، فيما تعكس هذه التصريحات التناقض الواضح في المواقف داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تجاه استراتيجية الهجوم على غزة.
ضحايا في غزة
قالت السلطات الصحية في غزة إن ما لا يقل عن 100 شخص قتلوا في غارات إسرائيلية على أنحاء القطاع، وأصيب عشرات آخرون أمس الثلاثاء.، ووذكر مسعفون أن من بين القتلى الصحفي المحلي رسمي سالم، وقدر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن 248 صحافياً فلسطينياً قتلوا بنيران إسرائيلية في غزة منذ بدء الحرب، فيما لم يرد الجيش الإسرائيلي حتى الآن على طلب للتعليق، لكنه يقول إن قواته تحارب المقاتلين على مشارف مدينة غزة وتدمر الأنفاق وبنيتهم التحتية وتضبط أسلحة.
الأزمة الإنسانية وتفاقم حالات الجوع
ذكر مسعفون فلسطينيون أن من بين القتلى الآخرين الذين أبلغ عنهم الثلاثاء خمسة أشخاص قتلوا، في أثناء انتظارهم في طابور للحصول على طعام في جنوب غزة، ووذكرت وزارة الصحة في قطاع غزة أن 13 فلسطينياً آخرين، بينهم ثلاثة أطفال، ماتوا من الجوع وسوء التغذية خلال الساعات الـ24 الماضية، مما يرفع العدد الرسمي للوفيات نتيجة هذين السببين إلى 361 على الأقل بينهم 130 طفلاً، معظمهم في الأسابيع القليلة الماضية.
الخلافات الاستراتيجية ومستقبل الصراع
التوتر بين القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل ليس جديداً، لكنه يصل إلى ذروته في هذه الحرب التي تختلف عن سابقاتها في تعقيدها وطول أمدها وطبيعة الخصم، فبينما يدفع نتنياهو نحو تسريع الهجوم لتحقيق نصر سريع يحقق له مكاسب سياسية، يصر الجيش على الحاجة إلى الوقت الكافي لتحقيق الأهداف العسكرية مع تقليل الخسائر في صفوف القوات الإسرائيلية والرهائن.
تطبيق نبض