المفتي الجديد للسعودية.. أبرز الأسماء المرشحة لتولي المنصب الديني الأبرز
أعلنت المملكة العربية السعودية اليوم وفاة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، المفتي العام ورئيس هيئة كبار العلماء، عن عمر ناهز الثانية والثمانين. لتنتهي برحيله حقبة امتدت أكثر من ربع قرن، كان فيها صاحب الكلمة الشرعية الأعلى في البلاد ومرجع الفتوى الرسمي في كل القضايا الكبرى، بينما غيابه يفتح الباب واسعاً أمام تساؤلات حول الشخصية التي ستتولى هذا المنصب البالغ الأهمية، في وقت يشهد فيه المجتمع السعودي تحولات متسارعة تضع المؤسسة الدينية أمام مسؤوليات جديدة.
مسيرة المفتي الراحل ودوره في الدولة
تولى الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ منصب المفتي العام عام 1999 خلفاً للشيخ عبدالعزيز بن باز، ليصبح منذ ذلك الحين الصوت الرسمي للفتوى في السعودية.
وخلال مسيرته، ارتبط اسمه بمحطات مفصلية، أبرزها مواجهة تيارات الغلو والتطرف بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، إضافة إلى الفتاوى المتعلقة بالقضايا الاجتماعية الحساسة مثل مشاركة المرأة في الحياة العامة واستخدام وسائل التواصل، وكان حضوره بارزاً في وسائل الإعلام الرسمية، كما مثّل مرجعية ثابتة للمجتمع في أوقات الأزمات، ما جعله أحد أهم الأصوات الدينية التي شكلت ملامح المرحلة الماضية.
مؤسسة الإفتاء بين الثبات والتغيير
تاريخياً، ارتبط منصب المفتي العام في السعودية بدور مركزي في ترسيخ الشرعية الدينية للدولة، ونجح الشيخ الراحل في الحفاظ على هذا الدور وسط تغيرات سياسية واجتماعية متسارعة.
ومع انطلاق رؤية 2030، برزت تحديات جديدة أمام المؤسسة الدينية، التي باتت مطالبة بالموازنة بين الحفاظ على المرجعية الشرعية والتفاعل مع متطلبات التنمية والانفتاح، ما يعني أن وفاة المفتي تضع المؤسسة أمام مرحلة انتقالية ستحدد مستقبلها ومقدار حضورها في المشهد العام.
أسماء مرشحة لخلافة الشيخ الراحل
مع إعلان الوفاة، بدأت وسائل إعلام محلية وعربية تتداول أسماء عدد من العلماء المتوقع أن يكون أحدهم المرشح القادم. في مقدمة الأسماء يبرز الشيخ صالح الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء وصاحب تأثير واسع في الفتوى والتعليم الشرعي، كما يحضر اسم الشيخ عبدالله بن محمد آل الشيخ، نظراً لمكانته وخبرته الطويلة.
كذلك يُطرح اسم الشيخ عبدالله المنيع، المستشار في الديوان الملكي وعضو الهيئة، إلى جانب الشيخ سعد الشثري الذي يجمع بين خلفية علمية رصينة وحضور لافت في مخاطبة قضايا الشباب، وهذه الأسماء تعكس التنوع داخل المؤسسة الدينية، لكنها جميعاً تنتظر القرار الملكي الذي سيحسم هوية المفتي الجديد.
معايير الاختيار وحسابات المرحلة المقبلة
قرار تعيين المفتي العام ليس مسألة شكلية، بل يحمل أبعاداً سياسية واجتماعية ودينية. عادة ما يُحسم الاختيار بمرسوم ملكي بعد مشاورات داخل هيئة كبار العلماء والقيادة السياسية، وتُؤخذ في الاعتبار عوامل مثل خبرة المرشح العلمية، ومكانته في المجتمع، وقدرته على التعامل مع القضايا المعاصرة، إضافة إلى انسجامه مع توجهات الدولة.
و في هذه المرحلة تحديداً، تبدو الحاجة إلى شخصية قادرة على الجمع بين الأصالة الشرعية وفهم طبيعة التحولات التي تشهدها المملكة، ما يجعل عملية الاختيار دقيقة وحساسة.
تحديات تنتظر المفتي الجديد
من يتولى المنصب سيجد نفسه أمام ملفات شائكة، بدءاً من التعامل مع قضايا الشباب والفكر الديني المتجدد، مروراً بالمسائل الاجتماعية والاقتصادية التي يطرحها مسار التغيير في المملكة، وصولاً إلى القضايا الإقليمية التي تضع السعودية في قلب الجدل الديني والسياسي، بينما المطلوب من المفتي الجديد أن يثبت قدرة على مواكبة العصر دون التفريط في الثوابت، وأن يكون صوتاً يوازن بين حاجات المجتمع وتوجهات الدولة، وهو دور لن يكون سهلاً في ظل تعدد التحديات وضغط المرحلة.
لحظة فاصلة في تاريخ المؤسسة الدينية
رحيل المفتي العام لا يمثل نهاية مرحلة فقط، بل بداية لمرحلة جديدة ستعيد رسم ملامح المؤسسة الدينية في السعودية. الأوساط تنتظر المرسوم الملكي الذي سيكشف عن الشخصية التي ستتولى هذا الموقع المحوري، وسط ترقب داخلي وخارجي لطبيعة الدور الذي سيلعبه المفتي الجديد. وبينما تودع المملكة شخصية دينية ارتبطت بربع قرن من الفتوى الرسمية، فإنها تستعد لفتح صفحة جديدة سيكون عنوانها الأساسي: من سيحمل راية الفتوى في زمن التغيير؟!
تطبيق نبض