عاجل
الجمعة 05 ديسمبر 2025 الموافق 14 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
عمرو الديب

قفزة تاريخية في أسعار الذهب.. عوامل دولية ومحلية تُشعل السوق المصري

الذهب
الذهب

سجلت أسعار الذهب في مصر، ارتفاعًا غير مسبوق، مدفوعة بتأثيرات الأسواق العالمية وتراجع الدولار الأمريكي، بالتزامن مع رهان المستثمرين على خفض جديد للفائدة الأمريكية، وهو ما انعكس على الأسواق المحلية التي تشهد حالة من الترقب والقلق، وتزايد في الإقبال على المعدن النفيس باعتباره الملاذ الآمن الأول في ظل استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي.

قفزة قياسية في الأسعار: عيار 21 يتجاوز حاجز الـ 5100 جنيه

للمرة الأولى في تاريخ السوق المحلي، ارتفع سعر جرام الذهب عيار 21 الأكثر تداولًا في مصر  إلى 5100 جنيه، متأثرًا بارتفاع سعر الأوقية عالميًا بنسبة 0.91% لتصل إلى 3780 دولارًا في السوق الفوري، بحسب بيانات وكالة بلومبرج.

ويأتي هذا الصعود القياسي في ظل ضغوط على الدولار الأمريكي عالميًا، مما دفع المستثمرين للاتجاه نحو الذهب، مدفوعين بتوقعات خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة خلال الفترة القادمة.

تراجع الدولار يدفع الذهب إلى الأعلى

على الصعيد العالمي، تراجع مؤشر الدولار (DXY) بنسبة 0.39% ليسجل نحو 97.3 نقطة، أمام سلة من العملات الرئيسية، وهو ما عزز من ارتفاع أسعار الذهب عالميًا.

أما محليًا، فقد شهد سعر الدولار تراجعًا في 3 بنوك مصرية في بداية تعاملات اليوم، بينما استقر في 7 بنوك أخرى، مسجلًا 48.16 جنيه للشراء و48.26 جنيه للبيع في البنك الأهلي المصري.

الخبراء يفسرون: لماذا يقفز الذهب بهذا الشكل؟

 هاني ميلاد – رئيس شعبة الذهب والمجوهرات:

أوضح أن السبب الرئيسي للصعود الحالي هو ارتفاع الأسعار العالمية، مشيرًا إلى أن السوق المصري يتأثر بشكل مباشر بحركة السوق العالمية، خاصة في ظل فتح السوق المحلي على التطورات الخارجية.

كما لفت إلى أن خفض الفائدة الأمريكية أدى إلى توجه البنوك المركزية نحو زيادة مشترياتها من الذهب كوسيلة للتحوط، مما رفع الطلب على المعدن النفيس.

نادي نجيب – سكرتير شعبة الذهب سابقًا:

أكد أن الأسعار التاريخية عالميًا انعكست على السوق المحلي فورًا، متوقعًا استمرار هذا الاتجاه طالما ظلت الظروف الدولية الحالية قائمة، مشيرًا إلى أن الأونصة تخطت 3782 دولارًا – وهو رقم غير مسبوق في تاريخ السوق العالمية.

مصطفى شفيع – رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين:

ربط بين ضعف الدولار عالميًا وانخفاض عوائد أدوات الدين الأمريكية، وبين توجه المستثمرين نحو الذهب، خصوصًا بعد خفض الفيدرالي الأمريكي للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، مع توقعات بخفض آخر قريبًا.

وأكد أن ارتفاع الذهب في مصر لا يرتبط فقط بالسوق العالمي، بل يتأثر أيضًا بسعر الصرف المحلي وتراجع الثقة في الجنيه، مما يدفع المواطنين للتحوّط بالذهب، رغم الارتفاعات الحادة في الأسعار.

الذهب في مصر: بين التحوط وغياب البدائل الآمنة

يرى العديد من المحللين أن الذهب أصبح الخيار الأول لكثير من المصريين الباحثين عن الحفاظ على مدخراتهم، خاصة في ظل حالة عدم الاستقرار الاقتصادي والتخوف من مزيد من تراجع قيمة الجنيه.

ويسهم ذلك في خلق طلب محلي إضافي على الذهب، وهو ما يزيد من الضغوط السعرية، حتى مع محاولات التهدئة من قبل الحكومة والمؤسسات المالية.

لماذا يتراجع الدولار في السوق المصري؟

مصطفى شفيع:

أوضح أن العوامل التي تؤثر على الدولار محليًا تختلف عن السوق العالمي، مشيرًا إلى أن قدرة البنك المركزي على توفير العملة الأجنبية للمستثمرين الأجانب، وعودة تدفقات الأموال من الخارج، تساهم في استقرار الدولار أمام الجنيه.

محمد بدرة – خبير مصرفي:

أكد أن تحسن الجنيه جاء مدعومًا بزيادة تحويلات المصريين بالخارج، وارتفاع إيرادات السياحة، بالإضافة إلى الإعلان عن صفقة "مراسي ريد سي" مع شركة إعمار، التي عززت الثقة في الاقتصاد المصري والعملة المحلية.

لكنه شدد على ضرورة أن ينعكس هذا التراجع في الدولار على أسعار السلع المستوردة، منتقدًا "الآلية غير العادلة" التي ترتفع بها الأسعار مع صعود الدولار، لكنها لا تنخفض عند تراجعه.

قرارات تاريخية دعمت الجنيه: الإصلاح النقدي يثبت فعاليته

محمد عبد العال – خبير مصرفي:

أشار إلى أن قرارات البنك المركزي في 7 مارس 2024، وعلى رأسها تحرير سعر الصرف، كانت نقطة تحول رئيسية ساعدت على تحقيق استقرار نسبي للجنيه وإنهاء السوق السوداء للعملة.

وأوضح أن هذه النتائج تحققت رغم صعوبات كبيرة، أبرزها:

فقدان 10 مليارات دولار من إيرادات قناة السويس

عدم استلام الشريحة الخامسة من قرض صندوق النقد

تداعيات الحرب في غزة

ورغم ذلك، استطاعت مصر جذب أكثر من 40 مليار دولار كاستثمارات أجنبية غير مباشرة، بالإضافة إلى مشاريع كبرى، مثل مشروع مراسي ريد سي باستثمارات تبلغ 900 مليار جنيه خلال أربع سنوات، وبعائد سنوي متوقع لا يقل عن 200 مليون دولار.

مؤشرات اقتصادية إيجابية رغم التحديات

سجلت تحويلات المصريين بالخارج رقمًا قياسيًا جديدًا بلغ 36.5 مليار دولار، وارتفعت إيرادات السياحة، وتحسنت الصادرات نسبيًا، ما ساهم في دعم الميزان التجاري وتحسين وضع العملة الأجنبية داخل السوق المصري.

هل الوقت مناسب لشراء الذهب؟

السؤال الذي يشغل الكثيرين حاليًا: هل هذا هو الوقت الأنسب لشراء الذهب؟

يؤكد المحللون أن الذهب لا يزال يمثل أداة تحوط مهمة، لكن الشراء عند هذه الأسعار المرتفعة يتطلب دراسة دقيقة للمخاطر، حيث إن استمرار الصعود مرتبط بتطورات الفائدة الأمريكية والوضع الاقتصادي العالمي.

في المقابل، فإن أي تحسن في الدولار أو استقرار في السياسة النقدية العالمية قد يؤدي إلى انخفاض تدريجي في الأسعار.

 مشهد اقتصادي معقد.. والذهب في الصدارة

تعكس التحركات الحالية في أسعار الذهب والدولار مزيجًا من الضغوط العالمية والاعتبارات المحلية، وسط محاولات دؤوبة من الدولة لتحقيق الاستقرار النقدي وجذب الاستثمارات. وبينما يتجه كثيرون إلى الذهب كملاذ آمن، يبقى التحدي الأكبر في تحقيق توازن بين سياسات الدعم والتحوط، وتوفير بدائل آمنة للمواطنين، في ظل مشهد اقتصادي عالمي يتسم بالتقلبات والضبابية.

تابع موقع تحيا مصر علي