كنت على طول مرفود.. عادل إمام هدم سور المدرسة
يظل الزعيم عادل إمام واحدًا من أكثر الفنانين إثارة للدهشة كلما قرر الحديث عن بداياته، إذ يكشف الجانب الخفي من شخصيته قبل الشهرة، ذلك الصبي المشاغب الذي لم يكن يتوقع أن تتحول تصرفاته التلقائية إلى بذرة صنعت أحد أهم نجوم الكوميديا في العالم العربي، وفي روايته لمحطات من طفولته يبدو واضحًا أن الضحك الذي لازمه منذ الصغر لم يكن مجرد رد فعل، بل كان قدرًا قاده نحو الأضواء دون تخطيط، وفيما يلي يروي عادل إمام تلك الحكايات بلسانه، كما عاشها وكما بقيت محفورة في ذاكرته.
عادل إمام.. شقاوة طفل تتحول إلى بداية أسطورة
يستعيد الزعيم عادل إمام في لقاء سابق ذكريات طفولته في المدرسة، تلك المرحلة التي شكّلت ملامح شخصيته وصاغت بدايات حسه الكوميدي دون أن يشعر، يروي الزعيم قائلاً: "كنت معروفا في المدرسة بالشقاوة الشديدة، وتدبير المقالب المضحكة، وذاع صيتي في المدرسة، لدرجة انني كنت على طول «مرفود» لأن أي تصرف يحصل في الفصل يقولوا: هاتو عادل إمام.. أي حركة أعملها العيال تفطس من الضحك.. برغم اني أحيانا لا أفعل أي شئ.. مجرد اني أبص بصه لأي حد من زملائي أجد العيال يضحكون، وفي البداية كنت زعلان، وأسأل نفسي: هم بيضحكوا على إيه؟، وفي مرة قلت لازم أسأل العيال دي، وسألتهم فعلا فقالوا: مانعرفش.. احنا مجرد نبص لك نضحك، وكلما أسألهم بعد ذلك.. يقولون بنضحك على شكلك".

ويتابع الزعيم حديثه الذي يرصده موقع تحيا مصر عن تلك الفترة التي امتزج فيها الضحك مع الاتهامات قائلاً: "والمشكلة إني وجدت نفسي بعد كده مشهور ومتهم في نفس الوقت، مشهور لأن الكل يقول عادل.. عادل، ومتهم لأن أي مصيبة تحصل في المدرسة يقولوا أوتوماتيك: وراها عادل إمام وفي الحقيقة لم تكن قيادتي لزملائي تسير بلا متاعب لكنها كانت أساس المتاعب، لأنني كنت أجد نفسي من غير اختيار أو قصد أقف في وجه المدفع، وكلما حدثت كارثة في المدرسة يبحثون عني، ويوجهون لي التهمة وراء التهمة، وفي أحيان كثيرة على أشياء لم أرتكبها فعلا، وكنت أتقبل العقاب من غير أن أبرر، أو أوجع دماغي، ربما لأن محدش هيصدقني، وربما لأني كنت أعتبر ان هذه هي ضريبة الشهرة".
عادل إمام متهم بهدم سور مدرسة: كنت على طول مرفود
ومن طرائف تلك المرحلة، يروي عادل إمام واحدة من أشهر الحكايات التي التصقت باسمه، حتى دون أي علاقة له بها، قائلاً: "والله حاجة تجنن العاقل، لكنها أيضا ممكن تعقل المجنون، فأنا أذكر فى أحد الأيام انهار جزء من سور المدرسة بالصدفة.. شئ طبيعي، لأن المدرسة قديمة وأثرية، وطبعا حصل شوية هلع وخوف، والتلاميذ هربوا من الحوش جري، وأخذوا يصرخون عادل إمام وقع السور... عادل إمام هدم السور.. والغريب إني يومها كنت أرقد مريضا في منزلنا"، هذه اللحظة التي يرويها الزعيم ضاحكًا تلخص كيف أصبح اسمه رديفًا لكل حادث، حتى وإن كان بعيدًا عنه تمام البعد، ويضيف بصراحة:
"وفي هذه الفترة كانت شقاوة الصبا تلقائية وغير مؤذية، وطبعا أنا وجدت إعجاب وترحيب من الناس أول جمهور طبيعي لي فطورت أدائي، كرد فعل لاإرادي، وكان إسعاد أصحابي هو هدفي الوحيد، ولما كانوا يضحكوا كنت أشعر بحالة من السعادة الداخلية الغريبة، ولما أحاول أتذكر أول لحظة سعادة عرفتها في حياتي أكتشف أنها كانت مرتبطة بقدرتي على إسعاد أصحابي في المدرسة".

من المدرسة إلى الشارع.. مقالب عادل إمام تتحول إلى كارثة
لم تتوقف مغامرات الزعيم عند حدود المدرسة، إذ قرر أن يوسع نشاطه الفكاهي إلى الشارع، وهنا بدأت مواهبه التمثيلية بالظهور بوضوح، يقول: "لذلك قلت لازم أوسع نشاطي من داخل المدرسة إلى الشارع، والحي كله، وبدأت في ترتيب وإخراج المقالب، وبالصدفة كان فيها جانبي تمثيلي كبير، فمثلا أذكر أنني كنت أقترح على أحد الشلة، أو واحد نحيف من جيراني في الشارع أن أضعه في «مقطف» وأغطيه بجلابية قديمة أو جزء من ملاية سرير منتهية الصلاحية، ثم نضع المقطف على الأرض ويقف في كل مرة واحد مختلف بجواره، وعند مرور إحدي السيدات يطلب منها صاحبنا الواقف أن تعينه على حمل «المقطف»، وعندما تنحني السيدة يخرج صاحبنا النائم من المقطف وهو يصرخ في وجه السيدة ليفزعها".
لكن أحد هذه المقالب كاد ينقلب كارثة كما يروي:"وفي مرة من هذه المرات ونحن ننفذ هذا المقلب سقطت سيدة على الأرض من وقع الصدمة وعلم زوجها، وأخذ يبحث عنا ليضربنا جميعا، وطبعا لم يعثر على أحد فينا، لكن من سوء حظي أنني كنت مشهورا بذلك، فأبلغ زوج السيدة والدي بما حدث وكان نصيبي علقة ساخنة أخرى من الوالد".
من هنا بدأت رحلت عادل إمام وظلت مقالبه تكبر معه وأفعاله الكوميدية، حتى وضعته على أول طريق النجومية وجعلته يكتشف جوانب لم يكن يعرفها في نفسه.
تطبيق نبض