202 مليون يورو تدفع مصر نحو عصر كهرباء نظيفة.. و42% طاقة متجددة في 2030 و65% في 2040
في لحظة تستشرف فيها مصر مستقبلًا طاقيًا أكثر اتزانًا وذكاء، خرج وزيرا التخطيط والكهرباء بتصريح مشترك يشبه خريطة طريق جديدة نحو عصر طاقة مستدام، وليس مجرد بيان رسمي، بل إعلان عن خطوات متسارعة لبناء منظومة كهربائية أقوى، أكثر مرونة، وأقدر على استقبال موجات متزايدة من الطاقة النظيفة.
تداول الكهرباء والطاقة المتجددة
تمويلات، شراكات، وربط عابر للقارات… كل ذلك يضع البلاد على عتبة تحول استراتيجي لا يقف عند حدود التطوير المحلي فقط، بل يمتد ليجعل مصر لاعبًا دوليًا في تداول الكهرباء والطاقة المتجددة.
دعم قطاع الطاقة في مصر وتوسيع قدراته الإنتاجية
أصدر كل من الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والدكتور محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، بيانًا موحدًا يؤكد استمرار العمل المشترك بين الجهات الحكومية ومؤسسات التمويل الدولية بهدف دعم قطاع الطاقة في مصر وتوسيع قدراته الإنتاجية، مع المضي قدمًا في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للطاقة المتكاملة والمستدامة.
وفد رفيع المستوى من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية
وأعلن الوزيران أن الفترة الأخيرة شهدت توقيع حزمة اتفاقيات جديدة بحضور رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، وذلك خلال زيارة وفد رفيع المستوى من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية.
وشملت الاتفاقات تمويلات ميسرة ومنح تنموية يبلغ إجماليها 202 مليون يورو، منها 165 مليون يورو لتمويل مشروع دعم شبكة الكهرباء المصرية، بالإضافة إلى 35 مليون يورو كمنحة من الاتحاد الأوروبي، فضلًا عن 2 مليون يورو للتعاون الفني في مجالات التطوير الكهربائي.
وشددت الدكتورة رانيا المشاط على أن هذه الاتفاقيات تمثل امتدادًا مباشرًا للجهود الحكومية الهادفة لرفع كفاءة البنية التحتية لشبكة الكهرباء، مشيرة إلى أن الوزارة تعمل على تنسيق متكامل يجمع بين السياسات التخطيطية والتمويل الدولي لإتاحة استثمارات قادرة على استيعاب الطاقات الجديدة، خاصة المتعلقة بالطاقة المتجددة.
توليد الطاقة النظيفة بما يتماشى مع استراتيجية الطاقة 2030
وأوضحت أن المنصة الوطنية لبرنامج «نُوفّي» لعبت دورًا فعالًا في جذب استثمارات للقطاع الخاص بلغت 5 مليارات دولار خلال الفترة الأخيرة، لدعم مشروعات توليد الطاقة النظيفة بما يتماشى مع استراتيجية الطاقة 2030 وخطط مصر المناخية لعام 2050.
وأكدت المشاط كذلك أن الإنجازات الحالية هي ثمرة إصلاحات بدأت منذ عام 2014، واستهدفت خلق بيئة جاذبة لمشاركة القطاع الخاص، الأمر الذي انعكس على نمو مشروعات الطاقة الشمسية والرياح، وتعزيز مكانة مصر كمركز محوري للطاقة المتجددة في المنطقة.
من جانبه، أوضح الدكتور محمود عصمت أن وزارة الكهرباء تواصل تعاونها الوثيق مع المؤسسات التمويلية الدولية لدعم تحديث الشبكة القومية ورفع قدرتها على استيعاب القدرات المتجددة المتزايدة.
اجتماعه الأخير مع مسؤولي البنك لمراجعة مستجدات المشروعات
واعتبر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية شريكًا استراتيجيًا في تنفيذ العديد من مشروعات الطاقة الشمسية والرياح ومراكز التحكم الحديثة، مشيرًا إلى اجتماعه الأخير مع مسؤولي البنك لمراجعة مستجدات المشروعات وتحديد آليات تطوير برامج التحول الطاقي وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة بديلة للوقود الأحفوري.
وأضاف عصمت أن خطط الوزارة تتضمن تطوير مشروعات الربط الكهربائي الإقليمي مع دول الجوار، بما في ذلك السودان وليبيا والأردن، بالإضافة إلى مشروع الربط مع السعودية المتوقع تشغيله قريبًا، إلى جانب مسارات الربط مع اليونان وإيطاليا، وذلك ضمن جهود تحويل مصر إلى مركز مستدام لتبادل الطاقة بين قارات أفريقيا وآسيا وأوروبا.
وأكد أن الاستراتيجية المصرية تستهدف رفع مساهمة الطاقة المتجددة إلى 42% بحلول 2030 ثم 65% بحلول 2040، مع الاستمرار في جذب استثمارات القطاع الخاص لتطوير مشروعات التخزين ورفع كفاءة الشبكات وضمان استقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية.
تختتم هذه التطورات مرحلة جديدة في طريق التحول الطاقي الذي تسعى إليه مصر بثبات ووضوح، حيث باتت الاستثمارات الدولية والتمويلات الميسرة شريانًا يدعم قدرة الدولة على تحديث شبكات الكهرباء وتنمية مصادر الطاقة النظيفة. ما تم الإعلان عنه لا يمثل مجرد اتفاقيات ورقية أو وعود نظرية، بل هو امتداد لجهود بدأت منذ سنوات وتحوّلت اليوم إلى نتائج ملموسة تُترجم في توسع الربط الكهربائي الإقليمي وجذب الاستثمارات الضخمة ورفع قدرة الشبكات على استيعاب طاقات أكبر من الشمس والرياح.
إن وصول حجم التمويلات والمنح إلى 202 مليون يورو يعكس ثقة المؤسسات الدولية في السوق المصرية وفي برنامج الإصلاح الطاقي الذي يستهدف رفع مساهمة الطاقة المتجددة إلى 42% بحلول 2030 ثم 65% بحلول 2040.
ويمثل هذا المسار نقطة انطلاق نحو مستقبل اقتصادي أكثر استدامة، يعزز استقلالية مصر الطاقية، ويضعها في موقع متقدم كمركز إقليمي قادر على إنتاج وتبادل الطاقة عبر ثلاث قارات.
تطبيق نبض