الصين تطلق أكبر مشروع كهرومائي في الهيمالايا.. بين الطموح الهندسي والمخاطر البيئية والجيوسياسية
في خطوة تعتبر من أكثر مشاريع البنية التحتية إثارة للجدل في القرن الحادي والعشرين، شرعت الصين في التخطيط لإنشاء منظومة كهرومائية عملاقة على نهر يارلونغ تسانغبو بإقليم التبت.
تصميم هندسي دقيق واستغلال الانحدار الشديد للنهر
بتكلفة تتجاوز 168 مليار دولار، يُتوقع أن يصبح هذا المشروع أكبر منشأة لتوليد الطاقة الكهربائية في العالم، متجاوزًا سد "الممرات الثلاثة" الشهير، ويعد خطوة استراتيجية للحد من الاعتماد على الفحم وتقليل الانبعاثات الكربونية.

يعتمد المشروع على استغلال الانحدار الشديد للنهر الذي يبلغ ارتفاعه حوالي كيلومترين فوق سطح البحر، عبر تفجير أنفاق داخل الجبال وبناء محطات تحت الأرض ونظام معقد من السدود والخزانات على طول 50 كيلومترًا من مجرى النهر المعروف بـ"المنعطف العظيم".
ويتطلب تنفيذ المشروع دقة هندسية هائلة نظرًا لبيئة المنطقة الجغرافية القاسية والتحديات الطبيعية، بما فيها الانهيارات الأرضية والفيضانات المفاجئة.
إنتاج كهربائي هائل وتأثير على الطاقة العالمية
تشير تقديرات الباحثين إلى أن المشروع قادر على إنتاج حوالي 300 مليار كيلووات ساعة سنويًا، أي ثلاثة أضعاف قدرة سد "الممرات الثلاثة"، ما يمنح الصين نقلة نوعية في قطاع الطاقة وقدرة على تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية الملوثة للبيئة، مع المساهمة في الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي.
تداعيات بيئية واجتماعية محتملة
رغم الطموحات الاقتصادية، يثير المشروع مخاوف بيئية وإنسانية كبيرة. المنطقة موطن لمجتمعات محلية ذات طابع ثقافي وتاريخي عريق، وتعد منطقة حساسة بيئيًا.
بناء السدود والأنفاق قد يؤدي إلى تغيير مسارات المياه، إعاقة التنوع البيولوجي، واضطرابات في حياة السكان المحليين، ما يضع المشروع تحت مراقبة المنظمات البيئية العالمية.
قلق دول الجوار: الهند وبنغلاديش
تصنف الهند المشروع كـ"قنبلة مائية محتملة"، مشيرة إلى أن التحكم في تدفق المياه سيمنح الصين نفوذًا هائلًا على الأمن المائي والغذائي لملايين السكان.
يعتمد عشرات الملايين في الهند وبنغلاديش على النهر في الزراعة والصيد وإمدادات المياه، أي أي تعديل في تدفقه قد يؤثر بشكل مباشر على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في تلك المناطق
تحديات طبيعية وصعوبات هندسية
إضافة إلى المخاطر البيئية والسياسية، يواجه المشروع تحديات طبيعية قاسية تشمل الانهيارات الأرضية، تدفقات الحطام، والفيضانات المفاجئة.
البناء تحت الأرض وعلى جوانب جبال الهيمالايا يتطلب خبرة هندسية متقدمة وتقييم مستمر للمخاطر، فيما تؤكد الصين على المضي قدمًا في المشروع باعتباره خطوة استراتيجية طويلة المدى.
الطموح الصيني بين الإنجاز والمخاطر الدولية
المشروع الصيني في نهر "يارلونغ تسانغبو" يجمع بين الطموح الهندسي والاقتصادي، والتحديات البيئية والجيوسياسية.
بينما تتباهى بكين بقدرتها على تحقيق نقلة كهربائية هائلة وتقليل الانبعاثات الكربونية، يظل المشروع مصدر قلق للدول المجاورة والمنظمات البيئية، التي تحذر من تداعيات محتملة على الأمن المائي والغذائي والتنوع البيولوجي.
ويبرز هذا المشروع كرمز للتحديات التي تواجه الصين في موازنة الإنجاز الهندسي مع المسؤولية البيئية والدبلوماسية الإقليمية.
تطبيق نبض

