العزاء في الأرياف .. موروث اجتماعي يحكمه العرف قبل الدين
رغم مظاهر التحضر التي لحقت بأبناء الريف وملاحقة الإنسان للتطوّر التكنولوجي إلا أن كثيرًا من القرى المصرية ما زالت تعيش الموروثات الاجتماعية القديمة التي تفرض إقامة المآتم والمناسبات أمام المنازل باعتبارها عادات وتقاليد لا يمكن التخلي عنها.
إقامة السرادقات و العزاء
وتغلب الطبيعة الريفية على معظم محافظات الدلتا حيث يحرص الأهالي على إقامة السرادقات و العزاء أمام منازلهم رغم أن تكلفة المأتم قد تتجاوز 200 ألف جنيه تشمل إقامة غداء وذبح أضاحي وتجهيز سرادق عزاء يمتد لساعات طويلة وهي تقاليد يتوارثها الأحفاد عن الأجداد.
يقول الحاج شوقي عثمان "احنا متعودون في القرى على إحضار شيخ وإقامة سرادق عزاء تكريمًا لنا وللمتوفى وخصوصًا أن عدم إقامة العزاء بهذا الشكل يجعلنا في موقف محرج أمام أهل البلد ."
ويضيف الحاج فتح الله نصر " العادات والتقاليد في الأرياف مفروضة على الجميع والناس بقت بتتسابق مين يعمل عزاء أكبر وأفضل من التاني رغم إن التكلفة بتكون كبيرة لكن الكل بيعاند الظروف علشان شكله قدام الناس."
ويقول عصام عقبي صاحب فراشة "العزاء في الأرياف يختلف عن القرى الصغيرة فالمأتم غالبًا يكون عبارة عن سرادق كبير ومقرئ من الإذاعة والتلفزيون وقد يصل إلى 30 سقفًا وقرابة 2000 كرسي مع إضاءة ونجف وبوفيه للمشروبات الساخنة وتتراوح التكلفة بين 150 و200 ألف جنيه حسب الاتفاق مع أهل المأتم ."
فيما يرى الحاج عوض الشحات رأيًا اخر "مش ضروري نعمل العزاء بالشكل المكلف ده ممكن نعمل حاجة بسيطة وباقي المصاريف تبقى صدقة جارية على روح الفقيد ."
أسباب العادات
وتعود هذه العادات التي يعدّها أهل الريف مفروضة عليهم إلى عقود طويلة من الزمن، ورغم تكلفتها الباهظة بالنسبة للبعض واضطرار كثيرين إلى الاقتراض لتوفير نفقاتها فإنها ما زالت حاضرة بقوة في القرى.
وتؤثر المآتم المكلفة على أصحابها ماديًا حيث يقع البعض تحت وطأة الديون بسبب مصروفات السرادق والغذاء وغيرها إلا أنهم يصرّون على إقامتها "ليظلوا مرفوعي الرأس" كما يقولون في الريف.
ويرى آخرون أن هذه التكاليف غير مبرّرة، خاصة أن العزاء لا يتجاوز ساعات قليلة مؤكدين أن توجيه هذه الأموال لإقامة صدقة جارية على روح المتوفى أفضل وأكثر نفعًا دون أن يعني ذلك التقليل من شأن أهل العزاء أو مكانتهم الاجتماعية
جوجل نيوز
تطبيق نبض
