عاجل
السبت 14 ديسمبر 2024 الموافق 13 جمادى الثانية 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

عالم أزهري: الاجتهاد الفقهي أداة مهمة للتجديد والدين والعلم يسيران في توافق تام

الدكتور محمد الجندي
الدكتور محمد الجندي

أكد الدكتور محمد الجندي، عميد كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن التجديد في الدين يجب أن يتم فهمه بشكل صحيح، مشيرًا إلى أن النصوص الدينية الثابتة، مثل حديث "صلوا كما رأيتموني أصلي" و"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، تبقى صالحة إلى يوم القيامة، ولا تتطلب تجديدًا في جوهرها، بل في تفسيرها وتطبيقها على المستجدات.

 

الفهم الصحيح للنصوص يعتمد على التفسير والتأويل العقلاني

وقال عميد كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، في تصريح له، إن العبادة، مثل الصلاة، والأخلاق، والمعاملات، والأحكام الفقهية، والعقيدة، تبقى ثابتة، والتجديد يأتي في كيفية فهم وتطبيق هذه النصوص في السياقات العصرية، مشيراً إلى أن الفهم الصحيح للنصوص يعتمد على التفسير والتأويل العقلاني، وليس التمسك الحرفي الذي قد يؤدي إلى فهم مغلوط.

 

 الرسالة النبوية صالحة للعصر الحديث 

وذكر أن أسباب اعتقاد البعض بأن الرسالة النبوية لم تعد صالحة للعصر الحديث تشمل الجهل بالدين، البعد عن اللغة العربية وفهم القرآن، وعدم الاطلاع الكافي على الأحاديث النبوية، واستخدام مصادر معرفية غير دقيقة مثل جوجل دون التحقق من صحة المعلومات.

 

وأشار إلى أن العلم يجب أن يكون مبنيًا على مصادر أصلية ومعترف بها، ويجب التحقق من السند والمصدر، مشددًا على أن المعلومات المستقاة من مصادر غير موثوقة قد تؤدي إلى تشويه العقيدة والدي، موضحا أن العصر الحديث يشهد غزوًا معرفيًا عشوائيًا يمكن أن يضلل الناس، وهو ما يستدعي العودة إلى المصادر الأصيلة لفهم الدين بشكل صحيح.

الحكمة ضالة المؤمن

 

وأفاد الدكتور محمد الجندي، عميد كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، بأن الحديث النبوي الشريف "الحكمة ضالة المؤمن، أينما وجدها فهو أحق بها" يعكس أهمية السعي وراء الحكمة وفهم الأمور بعمق.


وأبان: «هذا الحديث يشير إلى أن المؤمن يجب أن يتحلى بالفطنة والتأمل في الأمور قبل اتخاذ القرارات، وهو ما يتماشى مع تعزيز العلم والتفكير العقلاني».

 

 الاجتهاد الفقهي يُعتبر أداة مهمة للتجديد

وأشار إلى أن الاجتهاد الفقهي يُعتبر أداة مهمة للتجديد، مؤكدًا أن هذا التجديد لا يتعارض مع النصوص الدينية بل ينبثق منها، مؤكدا أن النبي صلى الله عليه وسلم علم الصحابة الاجتهاد، وأن هناك حديثًا مشهورًا يقول إن الله يبعث على رأس كل مئة عام من يجدد للأمة دينها، مما يدل على أهمية التجديد في الفكر الديني.

وأكمل: أن العديد من العلماء مثل الإمام ابن حجر والإمام السيوطي كتبوا عن موضوع التجديد وتفسير النصوص بما لا يتعارض معها. لافتا إلى أن الأحاديث النبوية التي تشير إلى فضل العلماء على العباد، مثل "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم"، و"العلماء ورثة الأنبياء"، تعكس قيمة العلم والعلماء في المجتمع.

وأوضح أن العلماء الأوائل الذين اكتشفوا العديد من العلوم مثل الفيزياء والكيمياء والطب، كانوا مدفوعين بدافع ديني، حيث كان الدين يحفز على البحث العلمي والتفكير العقلاني، مشددا على أن العلم هو جزء من التجديد الفكري الذي يساهم في تطوير المجتمع.

 

 الدين والعلم يسيران في توافق تام

نبه الدكتور محمد الجندي، عميد كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، على أن الدين والعلم يسيران في توافق تام وأن هناك انسجامًا بين التقدم العلمي والتكنولوجي والقيم الدينية.

واستطرد: "الدين والعلم ليسا متناقضين، بل هما متكاملان، الدين حث على طلب العلم من المهد إلى اللحد، والملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع. العلم قد وصل إلى مراحل متقدمة، مثل فهم كيفية تحلل الأعضاء في القبر، ولكن لم يصل بعد إلى معرفة مصير الإنسان بعد الموت، مثل الجنة والنار، وهذا يعكس حدود العلم وحدود الدين".

وأكمل: "العلم له حدود، والدين أيضاً له حدود، ولكن الدين يدعم العلم ويشجعه، على سبيل المثال، اكتشف العلم كيفية استخدام اليورانيوم لصناعة القنابل النووية أو لتوليد الطاقة.. لكن الدين وضع الأحكام المتعلقة باستخدام هذا اليورانيوم، حيث هناك أمور أخلاقية وروحية واجتماعية لا يمكن للعلم التجريبي تقديمها".

 

النهضة العلمية والعصر الذهبي للمسلمين 

وأشار إلى أن "النهضة العلمية والعصر الذهبي للمسلمين كانا نتيجة التوفيق بين العلم والدين، ورفع مكانة العلماء"، مؤكدا أن "الدين حث على العلم وأعطاه مكانة عظيمة، حيث قال الله تعالى: 'قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ' (الزمر: 9)."

وفي ختام تصريحاته، دعا الدكتور الجندي إلى الاستمرار في تعزيز العلاقة بين الدين والعلم، والعمل على استغلال التقدم العلمي والتكنولوجي بما يتماشى مع القيم الدينية والأخلاقية، لضمان تحقيق التوازن بين الابتكار والالتزام بالقيم.

تابع موقع تحيا مصر علي