عاجل
الجمعة 13 ديسمبر 2024 الموافق 12 جمادى الثانية 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

من التلغيم إلى استهداف البطاريات.. كيف انفجرت أجهزة البيجر في لبنان؟

تفجير الأجهزة عن
تفجير الأجهزة عن بُعد

شهد لبنان سلسلة من التفجيرات المدمرة التي استهدفت أجهزة الاتصال "البيجر"، مما أدى إلى مقتل 9 أشخاص وإصابة أكثر من 2700، معظمهم من عناصر حزب الله. هذا الهجوم السيبراني يعتبر الأكبر في تاريخ الحزب، حيث تحولت هذه الأجهزة إلى قنابل موقوتة نتيجة هجوم إلكتروني تم تنفيذه بدقة شديدة.

تفجير الأجهزة عن بُعد: طريقتان محتملتان

هناك احتمالان رئيسيان لتفسير كيفية تفجير أجهزة البيجر عن بُعد. كلا الاحتمالين ممكنان، ولكل منهما مزايا وصعوبات من حيث التنفيذ.

الاحتمال الأول: التلغيم المسبق للأجهزة

هذا الاحتمال يستند إلى فكرة أن إسرائيل قد تعاونت مع الشركات المصنعة لهذه الأجهزة، وتم زرع شريحة تفجيرية أو كود خبيث بداخل الأجهزة قبل تسليمها لحزب الله. وعند تفعيل الكود المبرمج عن بعد، تبدأ الأجهزة في تلقي إشارات تجعلها تنفجر بشكل متزامن. هذه العملية قد تعتمد على ضعف تشفير هذه الأجهزة، مما يجعل من السهل اختراقها وإرسال كود التفجير في وقت واحد.

هذا النوع من الهجمات يعتمد على التواطؤ المسبق من الشركة المصنعة أو الموردين، مما يسمح بزرع الأكواد التفجيرية في مرحلة التصنيع. هذه الأكواد يمكن تفعيلها لاحقًا عبر موجات راديوية أو حتى عن طريق الأقمار الصناعية، ما يجعل من السهل استهداف الأجهزة المنتشرة على نطاق واسع مثلما حدث في لبنان.

الاحتمال الثاني: استهداف بطاريات الليثيوم

يعتمد الاحتمال الثاني على بطاريات الليثيوم أيون (Li-ion) الموجودة داخل هذه الأجهزة. بطاريات الليثيوم معروفة بأنها شديدة الحساسية وتتعرض للانفجار في حال ارتفعت درجة حرارتها بشكل غير طبيعي. يمكن للهجوم السيبراني أن يستغل هذه الخاصية عن طريق إرسال موجات أو بيانات ضخمة تؤدي إلى زيادة حرارة البطارية، حيث تصل درجة الحرارة إلى 600 درجة مئوية، ما يؤدي إلى انفجار قوي.

هذه الانفجارات تصبح أكثر خطورة لأن أجهزة البيجر عادة ما تكون ملاصقة للجسم، مما يؤدي إلى أضرار جسيمة عند انفجارها. وتتميز بطاريات الليثيوم بتفجيرها للغازات السامة عند تعرضها للحرارة، مما يزيد من خطورة هذه العملية.

كيف تم التنفيذ في لبنان؟

تعتقد العديد من التقارير أن إسرائيل استخدمت مزيجًا من التقنيات السيبرانية لاستهداف أجهزة البيجر التي كانت بحوزة مقاتلي حزب الله. تشير التحليلات إلى أن الهجوم اعتمد على نقاط الضعف في التشفير وإمكانية تفجير البطاريات. إضافةً إلى أن الشفرات البرمجية التي تم إرسالها عبر موجات راديوية أو إشارات مشفرة أدت إلى انفجار الأجهزة بشكل متزامن، ما أسفر عن مقتل المئات وإصابة الآلاف.

الحادثة وقعت في أماكن متعددة مثل الضاحية الجنوبية لبيروت وعلي النهري ورياق، وأدت إلى حالة من الفوضى والذعر. ووصفت العملية بأنها أكبر اختراق أمني لحزب الله حتى الآن، حيث تم زرع هذه الأجهزة قبل فترة قصيرة من الهجوم.

ضرورة الحذر من الأجهزة الإلكترونية

بعد هذه الهجمات، يجب على حزب الله وكافة الجهات الفاعلة الحذر من استخدام الأجهزة الإلكترونية القديمة مثل البيجر، وأيضًا الأجهزة الحديثة مثل الهواتف الذكية. فهذه الأجهزة قد تحتوي على نقاط ضعف تجعلها عرضة للهجمات السيبرانية التي تحولها إلى قنابل موقوتة. يجب كذلك النظر في مصدر الأجهزة والتأكد من أنها لم يتم التلاعب بها أثناء عملية التصنيع أو الشراء.

التكنولوجيا الحديثة سلاح في الحروب السيبرانية

ما حدث في لبنان يظهر أن التكنولوجيا الحديثة، سواء كانت أجهزة قديمة مثل البيجر أو جديدة مثل الهواتف الذكية، يمكن أن تكون سلاحًا في الحروب السيبرانية. الهجمات الإلكترونية لم تعد مقتصرة على سرقة البيانات أو التجسس، بل تحولت إلى أدوات لشن هجمات مميتة تستهدف الأجهزة وتحولها إلى قنابل موقوتة. يبقى الحذر من استخدام هذه الأجهزة أمرًا بالغ الأهمية لتجنب مثل هذه الحوادث في المستقبل.

تابع موقع تحيا مصر علي