خرج للعمل فعاد شهيدًا..سائق بسيط صار بطلًا أنقذ مدينة وضحى بحياته من أجل المئات

في حرارة شديدة وأجواء لاهبة تملأ مدينة العاشر من رمضان، كان خالد شوقي، سائق شاحنة وقود من محافظة الدقهلية، ينهي عمله يومًا عاديًا، ركن شاحنته قرب محطة وقود في المجاورة 70 لكن فجأة، تغير كل شيء، حيث سمع صوت انفجا أعقبه لهب هائل اشتعل تحت الشاحنة، لم يكن مجرد حريق عادي، بل كان بداية كارثة مروعة كادت أن تفتك بمحطة الوقود بأكملها، وتهدد حياة العشرات من سكان المنطقة والمارة.
اختيار الحياة أو البطولة
في تلك اللحظة الحاسمة، وقف خالد أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن ينجو بنفسه ويدع الشاحنة تحترق، أو أن يخاطر بحياته ويبعد الشاحنة عن الناس ليمنع وقوع كارثة كبرى. وفعل ما لا يستطيع إلا الأبطال أن يفعلوه.
ضحي بنفسة لإنقاذ الناس
بدون تردد، قفز خالد إلى مقعد القيادة وسط ألسنة اللهب التي بدأت تلتهم جسده، وأمسك بالمقود، واندفع بالشاحنة بعيدًا عن محطة الوقود والمارة، محاولاً قدر الإمكان إبعادها عن خزانات البنزين والبيوت المجاورة.
في مكالمة مؤثرة مع أسرته، روى خالد تفاصيل اللحظات الأخيرة: "كنت قاعد في الأوضة وسلمت العربية ومفيش حاجة... فجأة لقيت ولعة مسكت فيها... حاولت أطفيها منفعش... فقررت أمشي بيها بعيد عن البنزين... وأنا ماشي بيها انفجرت."
نهاية بطل وبداية أسطورة
رغم الإصابة البالغة، نُقل خالد إلى المستشفى مصابًا بحروق خطيرة، وصارع الألم لأيام، لكنه استسلم في النهاية، ليترك وراءه قصة بطولية يهتز لها قلب كل مصري ومصرية.
خالد لم يكن جنديًا ولا رجل أمن، بل مواطن عادي خرج ليعمل وعاد بطلاً. كان يُحضّر لفرح ابنه الذي كان مقرراً في 16 يونيو، وله أربعة أبناء (ثلاث فتيات وولد). رغم كونه الأصغر بين إخوته، إلا أنه كان "شايل العيلة" كما قال شقيقه مجدي عبد العال.
التكريم الرسمي والدعم الشعبي
تفاعلت الدولة مع استشهاد خالد بسرعة، وأعلنت عدة قرارات دعم مالي تكريمًا لتضحياته:
200 ألف جنيه من وزارة القوى العاملة
100 ألف جنيه من وزارة التضامن الاجتماعي
50 ألف جنيه من جهاز تنمية العاشر من رمضان
معاش استثنائي بقرار من رئيس الوزراء
إطلاق اسمه على أحد شوارع مدينة العاشر
كما عبرت العديد من الشخصيات والمواطنين عن تضامنهم، حيث تبرع رجل أعمال بمبلغ 500 ألف جنيه، وأهدى تاجر ذهب كيلو ذهب لأسرة خالد.
شهيد إنساني يُحتذى به
أكد وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري أن خالد يُعد شهيدًا شرعًا، لأن وفاته جاءت نتيجة حريق أثناء إنقاذه الآخرين، وهو ما يجعل تضحياته أكثر قدسية ورمزية.
لكن في الوقت نفسه، أثارت مسألة عدم إدراج اسمه رسميًا ضمن شهداء الوطن جدلًا واسعًا بين الناس، مع مطالبات بإعطائه حقوق الشهيد المدني، وتكريمه بجنازة رسمية، وربما إطلاق اسمه على مدارس ومؤسسات تعليمية، ليصبح نموذجًا يحتذى به في البطولات المدنية.
لحظات الوداع المؤلمة
في حديث مؤثر مع عائلته، قال أحد أقاربه: "كنا بنجهز لفرح ابنه، وجالنا اتصال بأن العربية ولعت وخالد في مستشفى بلبيس... نقلناه لمستشفى أهل مصر وكان بيصارع الموت، لكنه في آخر لحظاته حكى بنفسه اللي حصل."
حتى وهو يُحترق، ظل خالد يتحدث بهدوء، يساعد من حوله، لم يصرخ أو يهرب، كان همه الوحيد حماية الناس.
خالد شوقي.. أكثر من مجرد بطل
ضحى بحياته لينقذ مئات الأرواح، وترك وراءه أسرة بلا عائل. أظهر أن البطولة لا تقاس بالرتب أو المناصب، بل بالإرادة والتضحية.
وقال رئيس جهاز العاشر من رمضان المهندس علاء مصطفى: "تكريم خالد هو رسالة وفاء.. الناس دي ما ينفعش ننساها، خالد مش بس أنقذ المدينة، خالد علّمنا يعني إيه تضحية بجد."