بعد حادثة «عروس المنوفية»… خبير نفسي يكشف لـ تحيا مصر أسباب العنف ضد الزوجات ويحذر من عواقب إهمال الأبناء
في قرية ميت برة بمركز قويسنا بمحافظة المنوفية حدثت جريمة صادمة قلبت صفحات المجتمع المصري في وقت قصير، وأطلقت صرخات احتجاج على العنف الزوجي الذي يعيش في صمت داخل كثير من البيوت.
الضحية كريمة صقر، التي عُرفت إعلاميًا باسم (عروس المنوفية)، لم تكمل بعد أربعة أشهر من زواجها، فقد وُجدت جثة هامدة داخل منزل الزوجية، وتمزقت روحها تحت ضربات عنيفة من زوجها، بينما كانت( حاملًا )في شهرها الثاني أو الثالث، بحسب تقرير الطب الشرعي، الذي كشف أن الضربات كانت قوية وأدت إلى توقف وظائف جسدها الحيوية بصورة فورية.
وعند وصول والدها إلى المنزل بعد تلقيه اتصالًا من جارة ابنته، وجد ابنته وجهها مزرقًا من شدة الضرب، وتدخلت النيابة العامة فورًا لمباشرة التحقيقات في الواقعة.
أكثر من جريمة… صدمة ثقافية واجتماعية
لم يكن رد الفعل على الحادث مقتصرًا على صدمة الأهالي وأهل الضحية، بل امتد إلى فضاءات الإعلام العام.
ومن خلال برنامجه التلفزيوني، أكد الإعلامي عمرو أديب أن القضية تكشف عن (أزمة )أخلاقية وثقافية، ليس مجرد حادثة فردية، مشددًا على أن بعض التعليقات التي تبرر أو تقلل من خطورة ضرب الزوجات «كأن ذلك أمر عادي في الزواج» تمثل خطرًا على المجتمع ككل، وأن العنف الزوجي لا ينبغي أن يُبرَّر ولا يُطبع عليه ضمن الحياة الاجتماعية.
وأضاف أديب مخاطبًا الأهل والمجتمع: «إذا جاءتكم بنتكم مستغيثة بعد عنف أو ضرب، لا تقلوا لها اذهبي وكلي عيشًا، هذا خطأ جسيم» مؤكدًا أن لا دين سماوي يجيز ضرب النساء وأن السلوكيات التي تبرر العنف يجب أن تتوقف.
ما لا نراه وراء الأرقام
وفي هذا السياق، تشير تقارير دولية إلى أن أكثر من امرأة مصرية من بين كل ثلاث نساء تعرضت لشكل من أشكال العنف من شريكها أو زوجها في حياتها، حسب منظمة الصحة العالمية، وهو معدل أعلى من المتوسط الإقليمي.
وفي رصد محلي على أول نصف عام 2025، وثقت مبادرة حقوقية أكثر من 250 حالة عنف ضد النساء والبنات في مصر، وكان الزوج أو الأقارب هم الجناة في غالبية هذه الوقائع.
ولا تتوقف المأساة عند الضرب وحده، فهناك (ثغرات) قانونية وأحكام مخففة في بعض قضايا قتل الزوجات في سنوات سابقة، ما يزيد من إحباط الضحايا ومن يخشون الإبلاغ خوفًا من عدم تحقيق العدالة الكاملة.
العنف الزوجي ..مشكلة بنيوية تتطلب تغييرًا شاملاً
حادثة عروس المنوفية ليست مجرد جريمة معزولة؛ بل إشارة قوية إلى أن:
هناك ثقافة اجتماعية تتسامح أو تتجاهل العنف ضد المرأة داخل البيت.
هناك صمت أو تقليل من شأن التحذيرات المبكرة من النساء المعنَّفات.
هناك ضرورة تغيير جذري في التربية والوعي قبل الزواج وبعده.
قال الدكتور وليد هندي، استشاري الطب النفسي إن العنف الزوجي غالبًا ينبع من اضطرابات نفسية لدى الزوج، وقد تكون مرتبطة بتجارب عنف شهدها في طفولته.
وحذر هندي من أن اختيار الشريك بناءً على المظاهر دون فحص شخصية وسلوك الشريك يمكن أن يقود إلى عنف أسري.
وشدد على ضرورة التوعية قبل الزواج بأهمية فهم طباع الشريك، واحترام الاختلاف، والحوار الهادئ لتجنب تفاقم المشاكل التي قد تتحول إلى عنف جسدي ونفسي.
الرسالة الأساسية للخبير:
العنف داخل البيت ليس طبيعيًا ولا محبذًا، بل غالبًا نتاج مشكلات نفسية وسلوكية مركبة تستدعي فهمًا صحيًا واجتماعيًا قبل الدخول في علاقة زوجية.
كيف نحمي بناتنا قبل 2026 ودور التوعية في اكبر قضيه اجتماعية؟
1. التوعية الأسرية قبل الزواج
تعليم الفتاة والشاب عن حقوقهما الإنسانية داخل الزواج.
معرفة السلوكيات الحمراء في شخصية الشريك المحتمل (مثل الغضب المفرط، الإهانة، السيطرة، العنف).
التأكيد على أن الاحترام المتبادل هو أساس العلاقة وليس السيطرة أو التحقير.
2. تمكين الضحية من الإبلاغ الفوري
ضرورة وجود آليات واضحة وسهلة للإبلاغ عن العنف الأسري.
دعم قانوني ونفسي وفوري للضحايا دون وصمة اجتماعية.
3. تغيير النظرة الاجتماعية
حملة توعية في المجتمع عن أن العنف ليس جزءًا طبيعيًا من الزواج.
مشاركة رجال في حملات مناهضة العنف لإعادة صياغة المفاهيم الخاطئة.
إشراك المؤسسات الدينية والمدارس والجامعات في نشر رسائل احترام المرأة.
4. تشديد القانون وتنفيذه بصرامة
دعم التشريعات التي تعاقب العنف الأسري بكل صرامة.
مراقبة تنفيذ الأحكام بشكل يعكس عدالة حقيقية للضحايا.
لا تهادنوا مع العنف
قضية عروس المنوفية أثبتت أن العنف الزوجي لا يقتل الجسد فقط، بل يكسّر المجتمع بأسره.
إذا كنا نريد أن نحمي بناتنا قبل عام 2026، فيجب أن نبدأ بتغيير ثقافتنا في البيت والمدرسة ووسائل الإعلام؛ وأن نجعل الاحترام حقًا ثابتًا لا قابلًا للنقاش داخل كل بيت مصري.
تطبيق نبض