عاجل
الأحد 05 مايو 2024 الموافق 26 شوال 1445
رئيس التحرير
عمرو الديب

وزير الأوقاف: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا.. وأعلموا أن الله لا يخفى عليه شيء

الدكتور محمد مختار
الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف

أكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن من أسماء الله الحسني اسمه (الرقيب)، يقول الحق سبحانه: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا ونِسَاءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا".

على كل زوج حسن معاملة زوجه ومراقبة الله فيها

وأضاف وزير الأوقاف، خلال الحلقة الثالثة عشرة من برنامج: "الأسماء الحسنى"، أن التذييل في الآية السابقة في قوله سبحانه وتعالى: "إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" يتطلب أن يتقي الله كل زوج في زوجه وأن يحسن المعاملة لأن المراقب؛ فهو الله الرقيب الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، وهو القائم على شئون خلقه المطلع على ما تكنه النفوس والصدور، القائم على كل نفس بما كسبت وهو معنا أينما كنا، حيث يقول سبحانه: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"، ويقول سبحانه وتعالى على لسان لقمان - عليه السلام - في وصيته لابنه: "يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ".

وإذا كان الناس في عالم اليوم يرون ما حدث من عقود ومن مئات أو عشرات السنين مصورًا أو متلفزًا، فإن الذاكرة الإنسانية يوم القيامة بقدرة يخلقها الله سيرى المشهد الذي كان منه إن خيرًا وإن شرًا، حيث يقول سبحانه: "وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً"، فبدأ بالصغيرة، ثم قال: "وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا"، ويقول سبحانه: "وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا" أي: ما تسقط من ورقة في ليل أو في نهار أو في بحرٍ إلا يعلمها.

أحيانا يقف الإنسان في فصل الخريف بين الأشجار وتتساقط ملايين الأوراق ولا ينتبه، حتى الورقة التي لا تظن أن ينتبه إليها أحد وليس لسقوطها في نظرك أهمية، يعلم الله أنها سقطت ومتى وأين سقطت ويعلم هل سقطت أم أسقطت؟ يقول سبحانه وتعالى: "وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ"، بل أبعد من هذا يقول سبحانه: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إليه مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ"، أي: لقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه؛ ما يجول في خاطره "إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ".

علم الله لا يعزب عنه شيء

وأشار وزير الأوقاف، إلى أن معية المراقبة لا يعزب عن علم الله شيء في الأرض ولا في السماء، فصاحب الضمير الحي يراقب الله، وقد قالوا من الصعب أو ربما كان من المستبعد أو المستحيل أن نجعل لكل إنسان جنديًّا أو شرطيًّا أو حارسًا يحرسه، ولو جعلنا لكل إنسان من يحرسه فالحارس قد يحتاج إلى من يحرسه، والمراقب يحتاج إلى من يراقبه، ولكن إذا صنعنا فيه ضميرًا حيًا يخشى الله ويراقبه فإنه سيكون حكما عليه، لأنه يراقب من لا تأخذه سنة ولا نوم، حيث يقول سبحانه: " وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ".

مؤكدًا أن الإنسان يدرك أنه سيأتي اليوم الذي يأخذ كتابه إما بيمينه وإما بشماله، يقول سبحانه: "فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ"، يوم أن يقال: "لك يا ابن آدم! جاءوا ودفنوك، وفي التراب وضعوك، وعادوا وتركوك، ولو ظلوا معك ما نفعوك، وليس لك إلا أنا وأنا الحي الذي لا يموت"، يوم أن ينادى: "لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ"، ويقول (سبحانه): "وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ" اقرأ! لم أقرأ في الدنيا ولكنك ستقرأ بقدرة على القراءة يخلقها المولى، يقول (سبحانه): "اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا".

حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا

واختتم وزير الأوقاف: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، يقول قائل: ما الدنيا إلا كسوق امتلأ ثم انفض، ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر، يا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت واعمل ما شئت فإنك مجزي به، وقال رسولنا (صلى الله عليه وسلم): "ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ، وَثَلَاثٌ مُنَجِّيَاتٍ، وَثَلَاثٌ كَفَّارَاتٌ، وَثَلَاثٌ دَرَجَاتٌ، فَأَمَّا الْمُهْلِكَاتُ: فَشُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ، وَأَمَّا الْمُنَجِّيَاتُ: فَالْعَدْلُ فِي الرِّضَى وَالْغَضَبِ، وَالْقَصْدُ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَخَشْيَةُ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَأَمَّا الْكَفَّارَاتُ: فَانْتِظَارُ الصَلَاةِ بَعْدَ الصَلَاةِ، وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي السَّبَرَاتِ، وَنَقْلُ الْأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ، وَأَمَّا الدَّرَجَاتُ: فَإِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَإِفْشَاءُ السَّلامِ، وَالصَلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ".

تابع موقع تحيا مصر علي