«إسرائيل بين حرب أكتوبر وطوفان الأقصى».. يومان هز أسطورة الجيش الذي لا يقهر
أصبح أكتوبر بمثابة شهر الرعب عند إسرائيل حالة من الحداد تجتاح الدولة العبرية، يوم باغتت فيه مصر إسرائيل عندما كانت في سبات عميق التي تتباهى بقوتها العسكرية محمية بغطاء أميركي، إلى أن جاءت الصفعة من القاهرة وعبر الجيش المصري قناة السويس وحطم خط برليف و قضى على أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وأصبح هذا اليوم بمثابة شوكة في وجدان الدولة العبرية تأمل أن يمحو هذا اليوم من ذاكرة التاريخ.
أكتوبر شهر أسود في ذاكرة إسرائيل
ثم يأتي السابع من أكتوبر 2023، وتجدد آلام والنكسة الإسرائيلية، بعد أن قامت حماس بهجوم مباغت على إسرائيل، في مشهد أثار حالة من الصدمة والارتباك داخل الأوساط الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية، وبات كبار الجنرالات العسكرية يعلنون استقالتهم من مناصبهم معترفين بالفشل الذريع في صد هذا الهجوم المفاجئ.

والآن يمر عام ثاني على الحرب في غزة، صراع غير (متكافئ عسكريًا) بين جيش مدجج بأحدث الأسلحة والأنظمة العسكرية، وبين فصائل عسكرية تحمل أسلحة بدائية ومحلية الصنع
ورغم أن هذه الحرب التي كبدت إسرائيل خسائر فادحة سواء اقتصادية وترنح عملة الشيكل، إلى جانب العزلة الدولية التي تعيشها تل أبيب وتأمل أن تستيقظ من هذا الكابوس مع استمرار حملتها الشرسة والسادية على القطاع، إلا أن سكان غزة دفعوا فاتورة باهظة جراء هذه الحرب التي تبرر إسرائيل هذه الوحشية كرد فعل على هجوم حماس، في حين الهدف الخفي هو وأد القضية الفلسطينية واقتلاع الشعب الفلسطينى من جذوره وإفراغ القطاع من سكانه.
لا نصر عسكري لا نصر سياسي لا نصر دولي.. 3 هزائم لإسرائيل في حرب غزة
إذا تحدثنا عن النصر الإسرائيلي في حربها على غزة، فلم تحقق سوي شئ واحد فقط وهو تحويل غزة إلى مدينة منكوبة تفوح منها رائحة الدماء والدمار فهي حققت هدف محو مدينة غزة وتحويلها إلى منطقة (خراب)، أما على المستوى العسكري والهدف التي يردده قادتها من القضاء على الجناح العسكري والسياسي لحركة حماس فعملياً لم يتحقق حتى وأن كانت اغتالات عدد من قيادات الحركة، أما عن هدف استعادة الأسرى فهو لم يتحقق أيضًا ورغم الخراب ودخول عمق المدينة إلا إنها لم تستطيع استعادة الأسرى بالقوى العسكرية، بل من افرجت عنهم حماس فكان عبر المسار التفاوضى.
إسرائيل فشلت عسكريًا في غزة، رغم الصورة القاتمة التي يشهدها العالم كل يوم في غزة، وعلى المستوى السياسي فهي تواجه انقسامات حادة سواء داخل حكومة نتنياهو أو في الأوساط الشعبية واندلاع احتجاجات تطالب بوقف الحرب.
على المستوى الدولي، فالفشل ذريع بكل المقاييس بالنسبة لإسرائيل، في بداية الحرب على غزة كانت هناك لهجة أوروبية موحدة هادئة تطالب بوقف الحرب وتخشى توجيه انتقادات لاذعة ضد إسرائيل، لكن مع استمرار العدوان الإسرائيلي ارتفعت نبرات الادانات والشجب بل وتحولت إلى إجراءات مناهضة لـ إسرائيل، وفرض عقوبات طالت وزراء إسرائيليين إلى جانب الضغط عليها من خلال اتخاذ إجراءات تمس اقتصادها وقوتها العسكرية كما فعلت إسبانيا وحظرت دخول السفن والطائرات الأمريكية التي تحمل أسلحة إلى إسرائيل عبر قاعدتي روتا (مقاطعة قادس) ومورون دي لا فرونتيرا (مقاطعة إشبيلية)، إلى جانب تسونامي الاعترافات الدولية بفلسطين، والذي كان بمثابة صدمة كبرى على إسرائيل التي تسعى إلى إفشال حل الدولتين.
إسرائيل فشلت عسكريًا وسياسياً ودولياً، وتنتقم من فشلها عبر المدنيين العزل في غزة، وكلما اشتدت الضربات اشتدت معها الخسائر الإسرائيلية والواقع أنها باتت أكثر عزلة ومنبوذة دوليًا، وما فعلته في غزة لن ينسى وسيستمر خالداً في وجدان وذاكرة الإنسانية.
تطبيق نبض

