مصر تستورد 12.3 مليون طن قمح في 2025 رغم تراجع الحكومة 30%
شهدت مصر عام 2025 ثاني أعلى مستوى تاريخي لواردات القمح، مع تراجع حكومي مقابل زيادة قياسية للقطاع الخاص، مدفوعة بارتفاع إنتاج المحاصيل المحلية وانخفاض ضريبة التصدير الروسية، لتأمين استقرار منظومة الخبز والمخزون الاستراتيجي.
تأمين الغذاء واستدامة الأمن القومي
بينما تتصاعد التحديات الغذائية عالميًا، رسمت مصر في 2025 لوحة جديدة لصناعة القمح، تتنوع فيها الألوان بين تراجع الواردات الحكومية، وارتفاع قياسي للقطاع الخاص، وتفاؤل بإنتاج محلي متنامٍ. إن قصة القمح هذا العام ليست مجرد أرقام، بل حكاية استراتيجية عن تأمين الغذاء واستدامة الأمن القومي.
ثاني أعلى مستوى تاريخي لواردات القمح
سجلت مصر خلال العام الجاري 2025 ثاني أعلى مستوى تاريخي لواردات القمح، حيث بلغت الكميات المستوردة نحو 12.3 مليون طن، بانخفاض نسبته 12.7% مقارنة بالعام السابق، الذي شهد ذروة قياسية عند 14.1 مليون طن. وعلى الرغم من هذا التراجع، فإن الكميات المستوردة تجاوزت المتوسط السنوي لواردات القمح في آخر ست سنوات بنسبة 8.8%، ما يعكس استمرارية مصر في تأمين احتياجاتها الغذائية الأساسية.
مصر تتصدر صفقات القمح التاريخية في 2025 رغم تراجع الواردات الحكومية
وفي شهر ديسمبر وحده، شهدت مصر استيراد كميات قياسية وصلت إلى 1.3 مليون طن، وهو أعلى مستوى شهري منذ بداية العام، ما يؤكد حرص الحكومة والقطاع الخاص على تعزيز المخزون قبل نهاية العام.
من جهة أخرى، شهدت الواردات الحكومية انخفاضًا ملحوظًا بنحو مليوني طن، لتسجل 4.5 مليون طن مقابل 6.5 مليون طن خلال 2024، أي بنسبة تراجع بلغت 30.7%. هذا الانخفاض جعل الواردات الحكومية أقل من متوسطها خلال السنوات الست الأخيرة بنسبة 20.6%. وأوضحت مصادر في وزارة التموين أن الاستهلاك السنوي المتوقع من القمح يقارب 20.3 مليون طن، موزعًا بين 10 ملايين طن لمنظومة دعم الخبز الحكومي، والباقي للقطاع الخاص.
ويعزى تراجع الواردات الحكومية إلى ارتفاع توريدات المحصول المحلي الذي بلغ نحو 3.93 ملايين طن، بزيادة تقارب 19%، ليصبح إجمالي ما جمعته الحكومة لدعم الخبز نحو 8.5 ملايين طن. أما الاحتياجات المتبقية حتى الوصول إلى عشرة ملايين طن فتمت تغطيتها عبر واردات القطاع الخاص وبعض الكميات المخزنة من الأعوام السابقة.
على صعيد القطاع الخاص، سجلت وارداته 7.8 ملايين طن، الأعلى على الإطلاق، متجاوزة متوسط السنوات الست الأخيرة بنسبة 42%. وشهدت آخر خمسة أشهر تحسنًا ملحوظًا في تدفقات القمح مقارنة ببداية العام، وفق تصريحات الرئيس التنفيذي للشركة المصرية الأسترالية للوكالة التجارية، علي رمضان.
وتشكل روسيا المصدر الأكبر للقمح المصري، إذ بلغت واردات مصر منها نحو 7.1 ملايين طن هذا العام، بانخفاض 31% مقارنة بعام 2024، بعد أن قررت موسكو تخفيض ضريبة تصدير القمح إلى صفر في يوليو وحتى منتصف ديسمبر، قبل إعادة فرضها مجددًا. هذه السياسة شجعت الشركات المصرية على تأمين كميات أكبر قبل نهاية العام.
وفي إطار تنويع المصادر، قامت مصر بشراء شحنات صغيرة من قازاخستان وفرنسا، لتأمين إمدادات إضافية وضمان استمرارية برامج دعم الخبز والقطاع الخاص، في خطوة تعكس استراتيجية مرنة للتعامل مع التقلبات العالمية.
إن قصة واردات القمح في مصر لعام 2025 تبرز أهمية المزيج بين الإنتاج المحلي، الواردات الحكومية، ودور القطاع الخاص، في تأمين الأمن الغذائي، مؤكدًا أن البلاد ما زالت قادرة على مواجهة التحديات وتحقيق استقرار السوق الغذائي رغم تقلبات الأسواق العالمية.
تطبيق نبض